عدم دستورية حكومة الطوارئ

المركز الإعلامي لكتلة نواب
الإخوان المسلمين بالإسكندرية

برنامج حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الذي تلاه رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أمام المجلس التشريعي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غزة: 17/3/2007
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا )
الحمد لله رب العالمين، حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وواسع رحمته وكرمه، والصلاة والسلام على سيد الخلق وإمام الحق، سيد الأولين والآخرين وقائد الغر الميامين، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين.

الأخ الدكتور / أحمد بحر " رئيس المجلس التشريعي بالإنابة "،
الأخوة والأخوات أعضاء المجلس التشريعي،
السادة السفراء والقناصل وممثلو الدول والهيئات الدولية،
السادة ممثلي القوى الوطنية والإسلامية،
الحضور الأعزاء،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأرحب بكم جميعاً في هذا اليوم العظيم، وأرحب بالسيد الفارو ديستو ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط والوفد المرافق له وبعد،
فقد كنت آمل أن ينعقد هذا المجلس، وهو بكامل هيئته وعلى رأسها الأخ الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي وأن يكون هذا اللقاء في القدس، لكن الاحتلال حال دون ذلك فهو مصر على استمرار اعتقال السادة النواب والوزراء، وممعن في تقطيع أوصال الوطن وتهويد القدس وعزلها عن محيطها، واستمرار الاجتياحات، وما اجتياح نابلس الذي نفذه الاحتلال عشية الإعلان عن هذه الحكومة إلاَّ تكريساً للقمع الذي يمارس ضد شعبنا.
إن اعتقال الأخ رئيس المجلس وإخوانه من النواب والوزراء ورؤساء المجالس دليل قاطعٌ على قسوة الاحتلال وظلمه، وسياسة العقاب الجماعي والحصار الظالم الذي تعرض له شعبنا وحكومته ومجلس نوابه على مدار العام المنصرم، بسبب الخيار الديمقراطي الذي اعتمدناه في حياتنا السياسية، وبسبب التزامنا بالحقوق والثوابت الفلسطينية ولأننا رفضنا تقديم أي تنازلات تحت وطأة الحصار وشراسة العدوان، ولقد عملنا كل ما في وسعنا لإطلاق سراح الأخوة الوزراء والنواب وأؤكد للأخ الكبير الدكتور عزيز دويك وإخوانه النواب والوزراء والقادة الأسرى ولآلاف المعتقلين الأبطال الذين يقبعون خلف قضبان الاحتلال وفي زنازين العزل بأنكم على سلم أولى أولوياتنا ولن يهدأ لنا بال إلاّ بالإفراج عنكم وأدعو الله أن يكون الفرج قريباً.
ويسعدني أن أبرق بالتهنئة للأخوة الذين وقعوا على وثيقة الأسرى والتي شكلت الأساس لوثيقة الوفاق الوطني: مروان البرغوثي وعبد الخالق النتشة وعبد الرحيم ملوح وبسام السعدي.
إننا اليوم نقف بكل فخر واعتزاز وعرفان أمام آلاف الشهداء الذين رووا هذه الأرض المباركة بدمائهم وعبدوا أمامنا طريق الحرية والاستقلال والكرامة، ونخص هنا الشهداء القادة الكبار الرئيس الراحل ياسر عرفات والإمام الشيخ أحمد ياسين والدكتور فتحي الشقاقي وأبو على مصطفي وعمر القاسم وأبو جهاد والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وأبو العباس والقافلة الطويلة من الشهداء الأبرار الذين بفضل جهادهم وعطائهم – بعد فضل الله تعالى – وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
نستحضر جرحانا الأبطال الذين رسموا خارطة فلسطين من خلال دمائهم الزكية، نستذكر لاجئينا الذين يقفون على بوابة الوطن في كل من الأردن وسوريا ولبنان ينتظرون ساعة العودة إلى بيوتهم ومنازلهم التي هجروا منها ظلماً وعدوانا، هؤلاء الذين عاشوا الألم في المنافي والشتات لم تغب فلسطين من عيونهم، ولم تنس أجيالهم المتعاقبة حق العودة، وأخص هنا بالذكر أبناء شعبنا المقيمين في العراق وأناشد القيادة العراقية والمرجعيات الدينية، وكافة الأطراف المعنية إلى التدخل من أجل حماية أبناء شعبنا ووقف استهدافهم وترويعهم، كما أقف بكل فخر واعتزاز أمام أبناء شعبنا في أراضي 48، وأعبر عن التقدير العالي لدورهم في حماية القدس والدفاع عن المسجد الأقصى المبارك.


الإخوة والأخوات،
لقد عاش شعبنا الفلسطيني قرابة ستين عاما بعد إخراجه من ارض الآباء والأجداد تحت وطأة التشرد والحرمان والتهجير، وعانى جراء الاحتلال من كل صنوف العذاب والقهر والعدوان، ومقابل ذلك رسم شعبنا مسيرة طويلة من النضال والمقاومة والصمود والمثابرة قدم عبرها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى، وضرب أروع الأمثلة في التضحية والعطاء والتمسك بالحقوق والثوابت، وفي السعي من اجل وحدته الوطنية، التي تشكل حكومة الوحدة الوطنية تعبيراً هاماً عنها.
لقد ولدت حكومة الوحدة الوطنية بعد جهود مضنية من قبل المخلصين والمثابرين من أبناء الوطن الذين وصلوا الليل بالنهار للتوصل إلى رؤى توافقية وقواسم مشتركة تجمع الكل الفلسطيني تحت مظلة واحدة.
إن هذه الحكومة جاءت كثمرة للروح الإيجابية والثقة المتبادلة التي أفضت إلى معالجة القضايا كافة، وفي مختلف المجالات، وهي إلى جانب وقف الاقتتال بين الإخوة كانت من أبرز نتائج اتفاق مكة المكرمة الذي توج برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وجاءت بحرص وطني كبير من السيد الرئيس أبو مازن والإخوة في قيادة حركة فتح ومن الأخ خالد مشعل وإخوانه في قيادة حركة حماس وجمعيهم عبروا عن المسئولية القيادية في هذه المرحلة الدقيقة، واتفقوا في مكة المكرمة على تدشين مرحلة جديدة من حياة شعبنا الفلسطيني، وطي صفحة مؤلمة من حياتنا، ولقد عكس الأخ الرئيس أبو مازن حرصاً عالياً من أجل حماية اتفاق مكة، والعمل على إقناع الأطراف كافة بضرورة احترامه والتعامل مع الشعب الفلسطيني على أساسه، وعملاً بناءاً خلال مرحلة المشاورات لتشكيل هذه الحكومة وأدعو الله أن تستمر هذه الأجواء الأخوية وهذا التعاون البناء، كما مثلت حكومة الوحدة الوطنية تتويجاً لمسلسل طويل من الحوارات الفلسطينية كان للشقيقة الكبرى جمهورية مصر العربية الدور الأبرز في رعايتها ومتابعتها حيث سجلت الفصائل الفلسطينية في القاهرة أول اتفاق فلسطينيي شامل في مارس 2005 كما أنها ثمرة جهود مقدرة للعديد من الدول العربية الشقيقة والمنظمات العربية والإسلامية.
واستناداً إلى حقوق شعبنا وثوابته، والتزاماً بوثيقة الوفاق الوطني، وفي ضوء خطاب التكليف، وانطلاقاً من أننا لا زلنا نمر في مرحلة تحرر وبناء، فإن برنامج حكومة الوحدة الوطنية يستند إلى الآتي:
أولاً/ على الصعيد السياسي:
1) إن الحكومة تؤكد أن مفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة يتوقف على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وسوف تعمل الحكومة مع الأشقاء العرب والمجتمع الدولي من أجل إنهاء الاحتلال، واستعادة الحقوق المشروعة لشعبنا، وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس، حتى نتمكن من بناء أرضية قوية ومتماسكة للسلام والأمن والازدهار في ربوع المنطقة وأجيالها المتعاقبة.
2) تلتزم الحكومة بحماية المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وصون حقوقه، والحفاظ على مكتسباته وتطويرها، والعمل على تحقيق أهدافه الوطنية، كما أقرتها قرارات المجالس الوطنية ومواد القانون الأساسي ووثيقة الوفاق الوطني، وقرارات القمم العربية، وعلى أساس ذلك تحترم الحكومة قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية.
3) ستبذل الحكومة جهوداً خاصة من أجل تشجيع الأطراف الفلسطينية كافة للإسراع في تطبيق ما جاء في اتفاق القاهرة بشان منظمة التحرير الفلسطينية.
4) تلتزم الحكومة برفض ما يسمى بالدولة ذات الحدود المؤقتة والمطروحة حسب المشروع الأمريكي والإسرائيلي.
5) التأكيد على حق العودة والتمسك به، ودعوة المجتمع الدولي إلى تنفيذ ما ورد في القرار 194 بخصوص حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وتعويضهم.
6) تلتزم الحكومة بالعمل الدؤوب من أجل تحرير الأسيرات والأسرى الأبطال من سجون الاحتلال الإسرائيلي وكذلك الإفراج عن النواب والوزراء ورؤساء وأعضاء المجالس المحلية المختطفين.
7) تتعهد الحكومة بمواجهة إجراءات الاحتلال على الأرض من اغتيالات واعتقالات واجتياحات والحواجز العسكرية ومعالجة قضية المعابر والحصار والإغلاق.
8) ترسيخ العلاقة مع الدول العربية والإسلامية الشقيقة والدول الصديقة والقوى المحبة للحرية والعدل والانفتاح والتعاون مع المحيط الإقليمي والدولي على أساس الاحترام المتبادل.
ثانياً/ القدس:
1) تشكيل لجنة عليا لشؤون القدس، بالتنسيق مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لمتابعة قضايا الصمود في مدينة القدس، ورصد موازنة واضحة من الحكومة للقدس، ضمن الموازنة العامة.
2) مواجهة السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالقدس أرضاً وشعباً ومقدسات، والعمل على توفير الموارد الكافية في الموازنة لدعم صمود أهلنا في القدس، وفضح ممارسات الاحتلال بشأن المدينة وفي المسجد الأقصى المبارك وتفعيل قضية القدس في المحافل الإقليمية والدولية كافة ، ودعوة أبناء الأمة العربية والإسلامية إلى تحمل المسئولية في حماية القدس ودعم أهلها سياسياً وإعلامياً.
ثالثاً/ على صعيد مواجهة الاحتلال:
1) تؤكد الحكومة بأن المقاومة بكافة أشكالها بما فيها المقاومة الشعبية الجماهيرية ضد الاحتلال حق مشروع للشعب الفلسطيني، كفلته الأعراف والمواثيق الدولية كافة ومن حق شعبنا الدفاع عن نفسه أمام العدوان الإسرائيلي المتواصل.
2) ستعمل الحكومة- من خلال التوافق الوطني - على تثبيت التهدئة وتوسيعها لتصبح تهدئة شاملة ومتبادلة ومتزامنة، وذلك مقابل التزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف إجراءاته على الأرض من اغتيالات واعتقالات واجتياحات وهدم البيوت وتجريف الأراضي ومصادرتها ووقف حفريات القدس ورفع الحواجز وإعادة فتح المعابر ورفع القيود على حركة التنقل ووضع آليات وجدول زمني محدد للإفراج عن الأسرى.
3) تؤكد الحكومة على ما جاء في وثيقة الوفاق الوطني بأن إدارة المفاوضات هي من صلاحية منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وذلك على أساس التمسك بالأهداف الوطنية الفلسطينية وتحقيقها، وعلى قاعدة حماية الحقوق والثوابت الفلسطينية وعلى أن يتم عرض أي اتفاق سياسي يتم إنجازه على المجلس الوطني الفلسطيني الجديد لإقراره والتصديق عليه أو إجراء استفتاء عام للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج بقانون ينظمه.
4) ستعمل الحكومة، وتشجع الأطراف ذات الصلة من أجل الإسراع في إنهاء قضية الجندي الإسرائيلي الأسير في إطار صفقة مشرفة لتبادل الأسرى وعودة المبعدين.
5) تؤكد الحكومة بأن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة مرهون بزوال الاحتلال واستعادة شعبنا لحقوقه الوطنية وإزالة الجدار العنصري والمستوطنات، ووقف تهويد القدس وسياسة الضم وكل أشكال التمييز العنصري وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
رابعاً/ على الصعيد الأمني:
إن حكومة الوحدة الوطنية تدرك صعوبة الأوضاع الأمنية الداخلية، وترى أن من أهم أولوياتها في المرحلة القادمة ضبط الأوضاع الأمنية السائدة وهذا يتطلب تعاونا كاملا بين الرئاسة والحكومة ، ومن أجل تحقيق ذلك فإن الحكومة سوف تعتمد ما يلي:
1) الدعوة والعمل على إعادة تشكيل مجلس أعلى للأمن القومي باعتباره المرجعية للأجهزة الأمنية كافة والإطار الناظم لعملها وتحديد سياساتها.
2) هيكلة الأجهزة الأمنية وبناؤها على أسس مهنية والعمل على توفير احتياجاتها، وتنفيذ إصلاح شامل ينزع عنها الصفة الحزبية والفصائلية، وإبعادها عن التجاذبات والصراعات السياسية، وترسيخ ولائها للوطن أولاً وأخيراً، والتزامها بتنفيذ قرارات قيادتها السياسية، والحرص على التزام العاملين في المؤسسة الأمنية بالمهام المناطة بهم.
3) الالتزام بتنفيذ قوانين العمل في الأجهزة الأمنية المقرة من المجلس التشريعي.
4) وضع وتنفيذ خطة أمنية شاملة لإنهاء جميع مظاهر الفوضى والفلتان الأمني والتعديات وحماية الدماء والأعراض والأموال والممتلكات العامة والخاصة وضبط السلاح وتوفير الأمن للمواطن، والعمل على رفع المظالم من خلال سيادة القانون ودعم الشرطة لتقوم بواجبها على أحسن وجه في تنفيذ قرارات القضاء.

خامساً/ على الصعيد القانوني:
1) ستعمل الحكومة وبالتعاون الكامل مع السلطة القضائية لضمان إصلاح وتفعيل وحماية جهاز القضاء بمؤسساته كافة وبما يمكنه من أداء واجباته في إطار تكريس العدالة ومحاربة الفساد والالتزام باستقلالية القضاء والتأكيد على سيادة القانون وتطبيقه بنزاهة وشفافية وحيادية على الجميع ومتابعة ملفات الفساد والاعتداء على المال العام.
2) تؤكد الحكومة على العمل بموجب القانون الاساسى والذي ينظم العلاقة بين السلطات الثلاث على أساس الفصل بينها، واحترام الصلاحيات الممنوحة لكل منها وفق القانون الأساسي.
3) تساعد الحكومة السيد الرئيس في أداء مهامه، وتحرص على التعاون والتكامل مع رئاسة السلطة حسب القانون، وبالعمل مع المجلس التشريعي والسلطة القضائية، من أجل تطوير النظام السياسي الفلسطيني، بهدف ترسيخ سلطة وطنية واحدة وموحدة وقوية.
سادساً/ الوضع الاقتصادي:
1) تسعى الحكومة لإنهاء الحصار الظالم المفروض على شعبنا بكل أشكاله.
2) تدعو الحكومة إلى إعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي بما يحرر الاقتصاد الفلسطيني من التبعية.
3) إعطاء الأولوية للارتقاء بالاقتصاد الوطني، وتوفير الحماية للقطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، وتشجيع الصادرات الوطنية مع المحافظة على دعم المنتجات الوطنية بكافة الوسائل الممكنة، وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع العالم العربي والإسلامي ومع الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم.
4) حماية المستهلك، وتشجيع القطاع الخاص، وتوفير المناخ الملائم والمناسب لنشاطه، وإرساء القواعد السليمة بين الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص، وإنهاء الاحتكار، وتحديد كيفية التصرف بالموارد المتاحة وعدالة التوزيع، وستقوم الحكومة بتوفير البيئة المناسبة وأجواء الحماية والاستقرار للمشاريع الاستثمارية.
5) تشجع الحكومة التنمية الاقتصادية بما ينسجم مع قيمنا وأعرافنا وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبشكل يخدم التنمية، وحماية القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار، ومحاربة البطالة والفقر، وتعزيز القطاعات الاقتصادية المنتجة، وإعادة إعمار البنية التحتية، وتطوير المناطق الصناعية وقطاعات الإسكان والتكنولوجيا.
6) إعادة النظر في قوانين الاستثمار ووضع حدٍ لنشاطات الاحتكار بين السلطة التنفيذية والقطاع الخاص.
7) دعم القطاع الزراعي، وزيادة الموازنة التطويرية المخصصة له.
8) العمل على انتظام دفع الرواتب للعاملين في القطاع العام والالتزام بجدولة ودفع مستحقات الرواتب المتأخرة، وكذلك مستحقات القطاع الخاص المتأخرة.
9) الاهتمام بقطاع العمال والمزارعين وصيادي الأسماك، والعمل على تخفيف معاناتهم من خلال الدعم والمشاريع الخاصة.
سابعاً / في مجال الإصلاح:
1) تتبنى الحكومة مشروع الإصلاح الإداري والمالي، وسوف تتعاون مع المجلس التشريعي في إصدار القوانين التي تعزز الإصلاح وتحارب الفساد.
2) تطوير الهيكليات وأساليب العمل في المؤسسات الحكومية بما يضمن فعالية وحسن سير عملها والتزامها بالقانون.
3) وضع خطة لترشيد الإنفاق الحكومي وفي كل المجالات.
4) محاربة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية ومنع استغلال المال العام وصياغة استراتيجية فلسطينية مجتمعية للتنمية الإدارية.
ثامناً/ على صعيد تعزيز منظومة القيم الفلسطينية:
1) تلتزم الحكومة بترسيخ الوحدة الوطنية، وحماية السلم الأهلي وترسيخ قيم الاحترام المتبادل، واعتماد لغة الحوار، وإنهاء جميع أشكال التوتر والاحتقان، وترسيخ ثقافة التسامح وحماية الدم الفلسطيني وتحريم الاقتتال الداخلي.
2) تؤكد الحكومة على وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
3) ستعمل الحكومة على ترسيخ وتعميق الوفاق الوطني، والاستقرار الداخلي ومعالجة ذيول الأحداث المؤسفة بالآليات المناسبة مع التزام الحكومة بمبدأ سيادة القانون وتوفير الحماية للمواطن والممتلكات العامة والخاصة بكل ما يترتب على ذلك من التزامات، وأدعو إخواننا من عوائل شهداء الأحداث المؤسفة إلى مزيد من الصبر والاحتساب وأؤكد لهم وقوفنا إلى جانبهم ومصابهم وألمهم.
4) تلتزم الحكومة بتكريس مبدأ المواطنة من خلال المساواة في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص وترسيخ العدالة الاجتماعية وخاصة في مجال التوظيف والتعيينات في مختلف الوزارات والمؤسسات، وعدم التمييز في الحقوق العامة بين أبناء الوطن كافة ، وإنهاء كل أشكال المحسوبية في التوظيف المدني والأمني.
5) تؤكد الحكومة حمايتها للتعددية السياسية، وتدعم تطوير النظام الانتخابي، وحماية الحريات العامة، وتعزيز قيم الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان، وترسيخ مبدأ العدالة والمساواة وصون حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، وحق الاختلاف، وحقوق المرأة الفلسطينية، والالتزام بالتداول السلمي للسلطة، واستكمال الانتخابات للمجالس المحلية في أقرب وقت ممكن.
6) تلتزم الحكومة بترسيخ الشراكة السياسية وتشجيع كافة القوى في الساحة للشروع في الحوار الجاد من أجل تحقيقها.
7) دعم أسر الشهداء والأسرى وتقديم العون لهم والمحافظة على حياتهم الكريمة العزيزة وتوفير المتطلبات الخاصة التي يحتاجونها.
8) تلتزم الحكومة بتوفير الحياة الكريمة للمواطن، وتوفير مستلزمات الحياة والرعاية الاجتماعية والصحية والصحة النوعية، ومعاجلة ظاهرة الفقر والبطالة من خلال توفير فرص العمل والمشاريع التنموية وبرامج الضمان الاجتماعي.
9) ستعمل الحكومة على تطوير جهاز التربية والتعليم وتحسين أوضاع المعلمين وتشجيع البحث العلمي والمحافظة على حيادية جهاز التربية والتعليم، كما وتؤيد الحكومة إنجاز وتطبيق الصندوق الوطني للتعليم الجامعي.
10) الاهتمام الأقصى بالشباب والحركة الرياضية الفلسطينية وتوفير احتياجاتها والسعي لتوسيع البنية التحتية الرياضية بما في ذلك الإسراع في إنجاز مشروع المدينة الرياضية، والاستمرار في المشاركات الخارجية بما يعزز مكانة فلسطين في المحافل الرياضية عربياً وإقليمياً ودولياً.
11) سترعى الحكومة تطبيق القانون الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة.
12) حماية حقوق المرأة وإفساح المجال أمامها للمشاركة السياسية وفي صناعة القرار والمساهمة في مسيرة البناء في جميع المؤسسات وفي مختلف المجالات.
13) ستشجع الحكومة وتدعم العمل الأهلي والمجتمعي ومؤسسات المجتمع المدني.

تاسعاً/ العلاقات الدولية:
تؤكد الحكومة على اعتزازها بعمقها العربي والإسلامي وتقديرها للدعم العربي والإسلامي سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، وتحرص الحكومة على الالتزام بتفعيل دورها في كل من الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ونتطلع إلى اجتماع القمة العربية الذي سيعقد في الرياض نهاية هذا الشهر باتخاذ قرارات تنهي الحصار وتدعم وتحمي اتفاق مكة المكرمة.
كما أن الحكومة تفخر بالروابط الدولية المتنوعة، التي تعمقت عبر الدعم الدولي لشعبنا وحقوقه المشروعة، وستعمل الحكومة على إقامة علاقات سليمة ومتينة مع مختلف دول العالم، ومع المؤسسات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الإقليمية والدولية وبما يساعد شعبنا على نيل حريته واستقلاله ويساهم في تعزيز السلم والاستقرار العالمي.
وتؤكد الحكومة التزامها بالموروث الحضاري القائم على التسامح والتعايش والحوار بين الحضارات، واحترامها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بما ينسجم مع قيمنا و أعرافنا وتقاليدنا الأصيلة.
إن الاتحاد الأوروبي قدم كثيراً من المساعدات لشعبنا الفلسطيني، ودعم حقه في الحرية والاستقلال، وكانت له مواقف جادة في توجيه الانتقادات لسياسات الاحتلال، وهذا أيضاً ما اعتمدته كل من روسيا والصين واليابان في سياستها الخارجية تجاه القضية الفلسطينية.
ومن هنا فإن الحكومة حريصة على إقامة علاقة متينة مع الاتحاد الأوروبي وكل من روسيا الاتحادية والصين الشعبية واليابان والهند ودول أمريكيا اللاتينية، ونتوقع منهم اتخاذ خطوات عملية لرفع الحصار عن شعبنا وممارسة الضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء الحصار واحترام حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية ولانسحاب الاحتلال من أرضنا المحتلة، ووقف الممارسات العدوانية المتكررة بحق شعبنا، كما أن الحكومة ستحرص على تطوير العلاقة مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وتدعو الحكومة الإدارة الأمريكية إلى ضرورة إعادة النظر في مواقفها تجاه القضية الفلسطينية وإلى ضرورة احترام خيار الشعب الفلسطيني الذي تجسده حكومة الوحدة الوطنية، والتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، مع تطلع الحكومة إلى علاقات طيبة بين الشعبين الفلسطيني والأمريكي.
الإخوة والأخوات،
يطيب لي أن أتوجه بالشكر الجزيل والعميق إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية على جهوده المباركة في لم الشمل الفلسطيني والتي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق مكة الذي نتفئ ظلاله في هذه المرحلة والشكر موصول إلى القيادة والشعب السعودي الشقيق على الحفاوة والكرم والرعاية.
كما نتقدم بخالص شكرنا وتقديرنا إلى الشقيقة الكبرى مصر التي وقفت إلى جانب شعبنا في ساعات المحنة وبذلت جهداً ضخماًً من خلال الوفد الأمني المصري المقيم في القطاع في حقن الدم الفلسطيني وتعزيز أواصر الوحدة وتقريب وجهات النظر في قضايا الخلاف.
كما نعبر عن شكرنا وتقديرنا لسوريا التي احتضنت حوارات فلسطينية عدة بما في ذلك حوار دمشق الأخير الذي هيأ الأجواء لاتفاق مكة المكرمة، وكما نتقدم بعظيم شكرنا إلى دولة قطر الشقيقة التي عبرت عن المواقف العربية الأصيلة في الوقوف إلى جانب شعبنا في محنته أثناء الحصار وفي حرصها على الوحدة والتلاحم الفلسطيني، والأردن الشقيق الذي واكب الحركة الفلسطينية سياسياً وداخلياً وأبدت استعدادها لاحتضان اللقاءات الفلسطينية، والسودان الذي بذل جهوداً مباركة في دعم الشعب الفلسطيني وتحرك أيضاً من موقعه كرئيس للقمة العربية، والشكر والتقدير لليمن الشقيق، ودول المغرب العربي الشقيق، ودول مجلس التعاون الخليجي الشقيق، كما نتقدم بالشكر إلى جمهورية إيران الإسلامية التي خففت معاناة شعبنا من خلال دعمها ومساندتها، والشكر والتقدير لجامعة الدول العربية ولمنظمة المؤتمر الإسلامي، كما نشكر كافة الدول الصديقة التي أعلنت موقفها وترحيبها بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وأبدت استعدادها للعمل من أجل إنهاء الحصار عن شعبنا.
كما نتقدم بعظيم الشكر إلى لجنة المتابعة والفصائل والشخصيات في الداخل والخارج التي واكبت كل الحوارات الداخلية وتحركت في كل المحطات من أجل أن نصل إلى هذه اللحظة الوطنية الكبيرة.
أيها السادة،
التحديات أمامنا كبيرة، والصعاب كثيرة، والمتربصون بشعبنا وبتجربتنا الجديدة كثر، ومشوارنا ما زال طويلاً ومعركتنا قاسية، وطريقنا ليست مفروشة بالورود، والآمال المعقودة علينا عريضة، وشعبنا يترقب وينتظر، والأمة أعينها متجهة نحونا، والكل ينتظر ماذا ستقدم حكومة الوحدة الوطنية هل ستكون على مستوى التحديات؟ ونحن مصممون على تحقيق الإنجازات لشعبنا بل ومتفائلون وتملؤنا الثقة بالله أولاً ثم بشعبنا وأمتنا وسنمضي في طريق العزة والكرامة حتى تحقيق النصر والحرية والعودة والاستقلال، فالاحتلال والحصار إلى زوال إن شاء الله.
وإنني إذ أتقدم إلى مجلسكم الكريم بأعضاء حكومتي لمنحها الثقة، وإذ أرحب بكل الوزراء الذين يشكلون هذه الحكومة، فإنني أتقدم بعظيم التقدير والامتنان والعرفان لوزراء الحكومة العاشرة والذي كان لي شرف العمل معهم فقد عملوا في أصعب الظروف، وتحملوا المشاق، وعبروا عن أصالة المواقف، وثبتوا وصمدوا في وجه الأعاصير، وصانوا الأمانة وحفظوا عهدة الشهداء والجرحى والأسرى وأسرهم وذويهم وما بدلوا تبديلاً فجزاهم الله عن شعبنا خير الجزاء.

حكومة الوحدة الوطنية:
1. رئيس الوزراء الأستاذ/ إسماعيل عبد السلام أحمد هنية
2. نائب رئيس الوزراء ووزير دولة السيد/ عزام نجيب مصطفى الأحمد
3. وزير المالية الدكتور/ سلام خالد عبد الله فياض
4. وزير الشئون الخارجية الدكتور/ زياد محمود حسين أبو عمرو
5. وزير الداخلية السيد/ هاني طلب عبد الرحمن القواسمي
6. وزير النقل والمواصلات الدكتور/ سعدي محمود سليمان الكرنز
7. وزير شؤون الأسرى المحامي/ سليمان محمود موسى أبو سنينة
8. وزير التربية والتعليم العالي الدكتور/ ناصر الدين محمد أحمد الشاعر
9. وزير التخطيط الدكتور/ سمير عبد الله صالح أبو عيشة
10. وزير الزراعة الدكتور/ محمد رمضان محمد الأغا
11. وزير الحكم المحلي المهندس/ محمد إبراهيم موسى البرغوثي
12. وزير الشباب والرياضة الدكتور/ باسم نعيم محمد نعيم
13. وزير الاقتصاد المهندس/ زياد شكري عبد ربه الظاظا
14. وزير الإعلام الدكتور/ مصطفى كامل مصطفى البرغوثي
15. وزير العدل الدكتور/ علي محمد علي مصلح (سرطاوي)
16. وزير الشؤون الاجتماعية السيد/ صالح محمد سليم زيدان
17. وزير الثقافة السيد/ بسام أحمد عمر الصالحي
18. وزير العمل السيد/ محمود عثمان راغب العالول
19. وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور/ يوسف محمود حامد المنسي
20. وزير الأشغال والإسكان الدكتور/ سميح حسين عبد كراكرة
21. وزيرة السياحة الدكتورة/ خلود فرنسيس خليل دعيبس
22. وزيرة شؤون المرأة السيدة/ أمل محمد الشيخ محمود صيام
23. وزير الصحة الدكتور/ رضوان سعيد سليمان الأخرس
24. وزير الأوقاف والشؤون الدينية الدكتور/ حسين مطاوع حسين الترتوري
25. وزير دولة المهندس/ وصفي عزات حسن قبها
آمل أن تحظى حكومتي هذه بثقتكم الغالية، شاكراً لكم جهودكم ومقدراً ثقة شعبنا بكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أخوكم / إسماعيل عبد السلام هنية
رئيس مجلس الوزراء المكلف
غزة- فلسطين

حرر يوم السبت ‏، السابع والعشرين من شهر‏ صفر‏ الخير من العام 1428 هـ
الموافق السابع عشر من شهر‏ مارس‏، عام 2007 م


المصدر: مركز المعلومات الوطني الفلسطيني


دساتير وقوانين حمّالة أوجه

عدنان كنفاني
[ 20/06/2007 - 10:13 ص ]

درجت التجمعات البشرية منذ أقدم العصور، والتي تشكّلت فيما بعد في منظومة دول، على تنظيم سلوكها السياسي والاجتماعي بين دفتي كتاب اتفق على تسميته دستورا للدولة، ومجموعة تفاصيل وشروح اتفق على إطلاق تسمية قوانين ضابطة ومفسّرة لروح الدستور الأعم.

وليس أدل من الوصايا العشر، وشريعة حمورابي، والضوابط التي نزلت من السماء على ألسنة الأنبياء والكتب.. وهذا بالعام والعموم..

وقد تفتقت بعض الأدمغة البشرية على ابتكار وسن قوانين تحمل خصوصية المجتمع والدولة التي تنتمي إليها مجموعاتها البشرية، سواء في الأمر الداخلي التنظيمي والضابط والرابط، أو في الشأن الخارجي من خلال علاقتها بالآخر.

وقد انسحب هذا الأمر على مجتمعنا العربي، أو بالأدق على مجتمعاتنا العربية، التي خضعت لألوان وصنوف من الاحتلالات.. وترسّبت في أصول قوانيننا دون تغيير أو تطوير مواد قليلة أو كثيرة من قوانين عثمانية وفرنسية وبريطانية ما زالت تضبط الكثير من حركتنا في مجتمعاتنا المتلوّنة بأطياف من عبرها غازيا ومحتلاً، وفارضاً نفسه علينا من خلال قوانينه وتعليماته حتى الآن.

المفارقة أن في هذه القوانين حسب المزاج مساحات تبدو في ظل الأوضاع الحالية التي تمر بها منظقتنا العربية للتفسير على أوجه كثيرة، كما بعض الفتاوى "الدينية" التي تفصّل تفصيلاً على قد الخطاب السياسي تارة، وعلى ليّ أصل التشريع لتمرير رغبة مدعومة بالمال أو الجاه أو المنصب لتحليل الحرام، وفي أحايين أخرى لتحريم أحل الحلال.

ولو أتينا بأمثلة قريبة ومن ساحاتنا العربية تتطابق مع هذا المنظور، قد نفهم أصل المسألة.

في لبنان حكومة تعتلي سدّة الحكم، تقول المعارضة استنادا على مواد من الدستور والقوانين المفسّرة إنها غير شرعية.. وتقول الحكومة إنها وبناء على مواد من الدستور ومجموعة قوانين مفسّرة أنها هي الشرعية دون مواربة.

في فلسطين.. تقول السلطة "التي لا تملك أي سلطة على أي شيء" أنها تحلّ الحكومة، وتعلن أحكام الطوارئ، وتعلن عن قيام حكومة جديدة على قد خطابها السياسي الآتي من إملاءات خارجية ومعادية، وذلك استنادا إلى الدستور والقوانين المفسّرة، والصلاحيات التي تتمتع بها.. وتقول الحكومة إن سلوك السلطة وبناء على مواد من الدستور والقوانين المفسّرة غير شرعي..

في العراق.. يبدو أن الدستور والقانون هو فيما يقول ويقرر الأمريكان، وليس مهماً أبداً أصل التشريع العراقي.. ونتابع المتحمسين من العراقيين المتنصبين لمجاراة هذا السلوك.

في جنوب لبنان، المقاومة وحزب الله مجموعات من الإرهابيين ويستطيع المدّعون بذلك أن يجدوا في خفايا وزواريب القوانين ما يؤيد فكرهم..

أما في فلسطين ففرق الموت التي تواصل يوميا قتل القادة المناضلين والأبرياء من الفلسطينيين في عقور دورهم، والعملاء، والخونة، والعابثين بأقدار وقوت الشعب الفلسطيني فهم واستناداً لما يمكن تفسيره في القوانين نخبة وشرطة وقوات أمن ومتنفذون..

فهل يمكن أن تكون الدساتير والقوانين حمّالة أوجه..؟

أم أن شرعة الغابة تبقى هي الأساس في كل تعامل.؟

أم أن فروض القوّة هي الأبين للأحقيات.؟

بعد الاطلاع والدراسة والاستفادة من التاريخ ومظالم الشعوب، كانت على مرّ الوقت إمبراطورية بريطانيا التي لم تكن الشمس تغيب عنها هي صاحبة التفسير والتعليل في صواب دستور أو قانون له علاقة بمصالحها.

الآن مع تبدّل مواقع القوى العالمية أصبحت الولايات المتحدة، والولاية الـ 53 "إسرائيل" الأهم في تشكيلتها، ومجموعة "المعتدلين" هم المقررون الأعلون لأحقية أي دستور أو قانون.

ولو سأل أحدكم عن البرهان والدليل أقول.. بعد ما جرى في غزّة، وبعد الصبر المرّ الطويل، وبعد أن استنفذت كل الوسائل، بقي التصاعد العنفي، والفلتان الأمني سيد الموقف، وكان لا بد من حسم.. وجاء الحسم وبدأت تتكشف صوابية هذا الحسم بالمجريات على الأرض، والانضباط وهدأة الأحوال..

وجاءت تصريحات المسؤولين في حماس واضحة لا تقبل التأويل ولا اللبس، ولعلّ أهم ما جاء فيها "إن حماس تمثل حركة تحرر وطني" ولن تفرض الوحش "الطالباني" على أحد، وإن ما جرى لم يكن يستهدف أي فصيل يضع نصب عينيه فلسطين، وأن الغاية كانت لضبط الأمن الداخلي وتصويب السلاح إلى الهدف الأساس الذي قامت التنظيمات والفصائل أساساً للتصدي له، وهو تحرير فلسطين المغتصبة وعودة الفلسطينيين المهجرين منها إليها.

فهل كان الرد من رجالات السلطة على قد المسؤولية الوطنية الفلسطينية.؟

خرج علينا البعض دون أن يطرف لهم جفن ولا تأخذهم حماسة القضية الأساس في كل ما نعمل، بعصبية حادة ليسفّه كل ما قيل، ولينسف مسبقاً دون دليل كل ما جاء من تصريحات علنية لقادة حماس..

والأنكى من ذلك.. تلك الماكينة الإعلامية الهادرة، والذيول التابعة لها من المصفقين والمطأطئين القادرين مجتمعين على قلب الأبيض إلى أسود، والقادرين بامتياز على اختلاق الأكاذيب، لتعلن بكل الصلف والجبروت تعميق الحصار على شعب غزة، ليصل الأمر إلى إعلان واضح من يهدد بقطع الماء والكهرباء عن السكان، وتعطيل الخدمات، وبكلمة قد تبدو هي الأصوب، هو إعلان فتوى للقتل الجماعي وتصفية عرقية لشعب مارس النضال على مسيرة قرن من الزمان.. وكل ذلك يستطيع أن ينبع ويتفاعل مع صوابية الدستور والقوانين.

الدساتير والقوانين في مجتمعاتنا الضعيفة والهزيلة، وقبالة الماكينة الإعلامية الجبارة، وانتفاع المنتفعين، وفوائد المستفيدين، ليست أكثر من خيط طويل مطاطي يمكن مدّه متى شاؤوا، ويمكنهم قطعه متى شاؤوا.

يبقى أن نقول بأننا لا نعتب على الأعداء المترصدين لنا السوء والهلاك، ولكن العتب كل العتب على أبناء جلدتنا الأقربين، وعلى المحيط الداعم لهم في سلوكهم الذي لا أستطيع وسط هذا السواد المطبق إلا أن أقول بأنه سلوك خياني.


قراءة قانونية في حكومة الطوارئ الفلسطينية
مركز زيتونة للدراسات
بقلم: محمود المبارك –
المتابع للوضع الفلسطيني قد يلحظ كثيراً من المغالطات القانونية الشائعة، التي يرددها البعض بحسن نية أو بسوء نية. فمن ضمن تلك المغالطات لفظة "الشرعية الفلسطينية" التي عادة ما يُقصد بها رئيس السلطة الفلسطينية وحده. ووجْه الخطأ هنا هو أن الشرعية الفلسطينية وإن كانت تشمل الرئيس الفلسطيني المنتخب، إلا أنها غير مقتصرة عليه. فالحكومة التي أقالها الرئيس عباس قبل أيام، هي شرعية ومنتخبة بالطريقة نفسها التي جاء بها الرئيس الفلسطيني ذاته. وبالتالي فإن لفظة الشرعية الفلسطينية، يجب أن تشمل الرئيس المنتخب والحكومة المنتخبة أيضاً، لا أن تقتصر على الرئيس وحده، كما تردد الحكومات الغربية ومعها وسائل الإعلام الغربية أيضاً.
ومن تلك المغالطات أيضاً، إعطاء الرئيس الفلسطيني ما ليس حقاً دستورياً له، حين يقرر مصير الأمة الفلسطينية بنفسه. وقد تكرر ذلك منه، تارة بالإعلان عن الدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وقد تراجع عن ذلك بعد أن علم متأخراً أنه خارج عن صلاحياته الدستورية، وتارة أخرى بإقالة الحكومة المقرة من المجلس التشريعي المنتخب، وتشكيل حكومة أخرى بقرار فردي تعسفي، ثم تجريد المجلس التشريعي من عمله الطبيعي الذي انتخب من أجله.
فالقرار التي أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتشكيل "حكومة إنفاذ حالة الطوارئ"، جاء متعدياً صلاحياته بحسب الدستور الفلسطيني. وقد يبدو هذا واضحاً من صوغ المرسوم الذي أعلن بموجبه الرئيس عباس عن تشكيل حكومة طوارئ، إذ لم يحدد هذا المرسوم المواد الدستورية التي استند اليها الرئيس في تشكيل تلك الحكومة، وإنما اكتفى بالقول: "... وبناءً على الصلاحيات المخولة لنا...". ومعلوم أن في ذلك مغالطة قانونية، إذ إن إطلاق عبارة "الصلاحيات المخولة" من دون تحديد مكانها في الدستور قد تعطي الانطباع أنها تشمل حق تشكيل حكومة موقتة.
ومعلوم أن صلاحيات الرئيس الفلسطيني الدستورية لم تترك للتأويل الشخصي، بل حددت في مواد مفصلة من القانون الأساسي الفلسطيني. وبفحص دقيق للدستور الفلسطيني نجد أنه لا يشمل أي مادة تعطي الرئيس تفويضاً لتشكيل "حكومة إنفاذ حالة الطوارئ".
وشمل الباب الثالث من القانون الأساسي الفلسطيني صلاحيات الرئيس الفلسطيني الدستورية، (المواد 34-46). وأكدت المادة 38 من القانون الأساسي على أن "يمارس الرئيس مهماته التنفيذية على الوجه المبين في هذا القانون"، وبالتالي فإن الصلاحيات غير المنصوص عليها صراحة والتي يعطيها الرئيس لنفسه تكون قد تجاوزت الدستور.
وحُددت صلاحيات الرئيس في مواد عدة، منها المادة 39 التي نصت على أن الرئيس الفلسطيني هو القائد الأعلى للقوات الفلسطينية، كما فوضت المادة 40 الرئيس تعيين ممثلي السلطة الوطنية لدى الدول والمنظمات الدولية، ونصت المادة 41 على إعطاء الرئيس صلاحية إصدار القوانين بعد إقرارها من المجلس التشريعي، وأعطت المادة 42 الرئيس حق العفو الخاص عن أي عقوبة أو خفْضها، وفوضت المادة 43 الرئيس إصدار المراسيم الموقتة في حال غياب السلطة التشريعية عن الانعقاد، فيما يعرف بحالات الضرورة القصوى، كما أعطت المادة 45 الرئيس صلاحية اختيار رئيس الوزراء وحق إقالته وحق قبول استقالته، وأعطت المادة 107 الرئيس الحق في تعيين النائب العام، وأعطت المادة 109 الرئيس الحق في التصديق على حكم الإعدام الصادر عن المحاكم المختصة، كما بينت المادة 110 الحالات التي يجوز فيها للرئيس إعلان حالة الطوارئ. ولكن ليس بين هذا كله حق يخوّل الرئيس تشكيل حكومة من تلقاء نفسه.
بل إن الدستور الفلسطيني، يؤكد مسؤولية الحكومة المنتهية ولايتها في القيام بعملها لتسيير الأعمال التنفيذية إلى حين تشكيل حكومة جديدة، كما جاء في المادة 79 (3)، التي نصت على أنه "عند انتهاء ولاية رئيس الوزراء وأعضاء حكومته يمارسون أعمالهم موقتاً باعتبارهم حكومة تسيير أعمال ولا يجوز لهم أن يتخذوا من القرارات إلا ما هو لازم وضروري، لتسيير الأعمال التنفيذية إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة". وقياساً على ذلك، فإنه لا يمكن القول إنه يجوز تجاوز الحكومة المُقَالة في تسيير أمور الحياة اليومية لحكومة أخرى يشكلها الرئيس نفسه.
إضافةً إلى ذلك، فإن المادة 67 من القانون الأساسي تعطي المجلس التشريعي الحق في الموافقة على أي حكومة مشكلة بمنحها الثقة بالغالبية المطلقة. ولعله السبب الذي من أجله سارع الرئيس عباس الى إصدار مرسوم آخر يوقف بموجبه العمل بمواد الدستور الـ 65-67، وهو أمر لا يملكه دستورياً، إذ إن ذلك نوع من التعطيل الفعلي للدستور.
وبالرجوع إلى مواد الباب السابع المتعلق بإعلان حال الطوارئ، نصت المادة 110(1)، أن للرئيس الحق في إعلان حال الطوارئ عند "وجود تهديد للأمن القومي بسبب حرب أو غزو أو عصيان مسلح أو حدوث كارثة طبيعية... لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً" على أنه يجوز له "تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً أخرى بعد موافقة المجلس التشريعي الفلسطيني بغالبية ثلثي أعضائه"، كما نصت على ذلك المادة 110(2).
وبقبول الزعم القائل إن تمكن "حماس" من الاستيلاء على مقر جهاز الأمن الوقائي ومقر الاستخبارات العامة في غزة، يشكل تهديداً للأمن القومي بحيث يتطلب معه إعلان حالة الطوارئ، فإنه ربما جاز للرئيس الفلسطيني إعطاء نفسه حق إقالة حكومة الوحدة الوطنية، التي تطلب تشكيلها تدخلاً سعودياً كريماً. إلا أن الرئيس لم يحدد فترة زمنية لحالة الطوارئ تلك، وهو أمر مطلوب بموجب المادة 110(3).
إضافةً إلى ذلك، فإن حكومة حماس المُقَالَة لم تخلع اعترافها بشرعية الرئيس عباس، بل صدرت تصريحات من قادتها تؤكد شرعية الرئيس الفلسطيني وقبولها جميع الاتفاقات الموقعة مع الفصائل الفلسطينية، بغض النظر عن الخلافات المحتدمة بينها، وهذا أمر يشكك في نزاهة قرار حل حكومة الوحدة الوطنية، الذي ربما جاء استجابة لضغوط خارجية أكثر منه حاجة داخلية ملحة.
النظرة القانونية الفاحصة إذاً، تخلص إلى أن قرار الرئيس الفلسطيني بتشكيل "حكومة إنفاذ حالة الطوارئ"، أمر غير مخول له بنص الدستور من جهة، ومتعارض مع روح الدستور الفلسطيني من جهة أخرى. وبالتالي فإن حكومة الطوارئ التي أعلن الرئيس عباس عن تشكيلها تأتي خارجة عن القانون، وليست لها أي شرعية دستورية تستند إليها، ومن هذا الباب يجب عدم الاعتراف بها أو التعامل معها، بغض النظر عن التأييد الدولي الذي قد تكسبه هذه الحكومة.
فالدول الغربية التي سارعت إلى مباركة قرار حل حكومة الوحدة الوطنية وأيدت تشكيل حكومة الطوارئ، لا تهمها المصلحة الفلسطينية بقدر ما تهمها مصلحة إسرائيل. ولعل في مسارعة إسرائيل والولايات المتحدة إلى تأييد خطوة الرئيس عباس ما هو كفيل بإثارة الشكوك حول المستفيد الأكبر من ذلك القرار.
المصدر: الحياة 18/6/2007

No comments: