خطاب أبو مازن.. تهديد وتخوين واستقواء بالخارج


فيما يعتبر توسيعًا لهوة الخلاف وزيادةً في الاحتقان على الساحة الفلسطينية شنَّ محمود عباس أبو مازن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية هجومًا حادًّا على حركة المقاومة الإسلامية حماس في خطابٍ تحريضي مطول له أمام المجلس المركزي الفلسطيني مساء اليوم الأربعاء 20/6/2007م، واصفًا كتائب القسام بالقتلة والانقلابيين والتكفيريين- على حدِّ تعبيره- زاعمًا دون تقديم أي دليل واضح أنهم هدموا الكنائس واحتلوها واعتدوا عليها.
وقطعًا للطريق على أي حلول رفض أبومازن إجراء أي حوار مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، مطالبًا إياها بتقديم اعتذارٍ إلى الشعب الفلسطيني والسلطة عمَّا أسماه بجريمة الانقلاب- على حدِّ قوله-!!.
وتحدَّث أبو مازن عن تفاصيل ما يقول إنها محاولة دبَّرتها حركة حماس لاغتياله، مؤكدًا أن اقتراح إرسال قوات دولية إلى غزة يجري بحثه، ولكنه لم يُتخذ قرارٌ به حتى الآن.
وطالب في خطابه التحريضي بضرورة تغيير قانون الانتخابات، داعيًا المجلس المركزي الفلسطيني بأن يظل في حالة انعقادٍ دائمٍ لمواجهة من أسماهم بالانقلابيين.
وفي أول ردِّ فعلٍ له على خطاب الرئيس الفلسطيني قال أسامة حمدان- ممثل حركة حماس- في لبنان: إن خطاب أبو مازن لا يليق بوضعه ومكانته كرئيسٍ للشعب الفلسطيني، ووصف الخطاب بأنه يحمل الكثيرَ من المغالطات والأكاذيب، موضحًا أنه يلهث بعد خطابه من أجل لقاء أولمرت.
وأضاف حمدان أن قصة الشريط الذي زعم أنه سلَّمه لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة مفبرك ولا وجودَ له على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن مشعل طلب من أبو مازن أن يُرسل له الشريط إن كان هناك شريطٌ بالفعل، إلا أنه لم يُرسله حتى الآن.
وأشار حمدان إلى أن أبو مازن يحاول فبركة القصص لصرف الشعب عن الحقيقة وإلهائه بها قائلاً: إن حديثه عن اعتداء حماس على الكنائس يُمثِّل محاولةً للمتاجرة بالمشاعر، والكل يعرف موقف حماس من الجميع.
وأكد حمدان أن المسيحيين هم جزءٌ أساسي من النسيج الوطني الفلسطيني وأن مسئولية حماس في حماية الكنائس كمسئوليتها عن حماية المؤسسات العامة والخاصة.
وشكك ممثل حركة حماس بلبنان في دوافع عباس لتعديل قانون الانتخابات الفلسطينية، مؤكدًا أنه لا يوجد تفسيرٌ لذلك سوى أنه يريد تفصيل قانون الانتخابات الذي جاء بحماس على غير رغبةٍ من أمريكا والكيان الصهيوني للإتيان بما يتماشى مع المشروع الصهيوأمريكي.
وأوضح أن أبو مازن هو الذي طلب من الكيان الصهيوني قطع الغاز عن قطاع غزة، متسائلاً: هل هذا رئيس يسعى بذلك لمصلحة الشعب الفلسطيني؟
وحول إغلاق باب الحوار مع حماس، قال حمدان إنه خير دليلٍ على خضوع أبو مازن للضغوط الأمريكية والصهيونية ودلالة على العجز والخوف من الشروط الأمريكية والصهيونية، وأيضًا الخوف من لجنة تقصي الحقائق التي طالبت جامعة الدول العربية بإرسالها؛ لأننا سنقدم لها الكثير من التفاصيل التي نريد أن نكشفها.
ويُعلق على ذلك خليل العناني- الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام- أنه من المفارقة أن يتحدث أبو مازن كما لو كان رئيس دولة كاملة السيادة، وبالتالي فإن جميع مفردات الخطاب التي تحدَّث بها تنمُّ عن محاولةٍ زكيةٍ لاستغلال أجواء وحالة الشحن الإقليمي ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس، كما أنه خطاب تخويني لا يساعد على حل القضية.
وأضاف أنه للأسف أن يتحدث أبو مازن باعتباره رئيسًا لحركة فتح لا للشعب الفلسطيني، وكان عليه أن يتحدث باسم الشعب الفلسطيني وليس كطرف في النزاع حتى لا يكون خصمًا وحكمًا في نفس الوقت.
وأكد العناني أن الرئيس الفلسطيني يشعر الآن بنوعٍ من الاستقواء الإقليمي والدولي، ويريد أن يستغل ذلك في توجيه لكمةٍ قويةٍ لحماس، ويحاول أن يركب الموجةَ ويلتحم بالموقف الإيديولوجي للأنظمة العربية.
واعتبر أن حديثه عن تغيير قانون الانتخابات الفلسطيني تمارسه بعض دول المنطقة بهدف إقصاء الحركات الإسلامية المعتدلة من المجال السياسي، مشيرًا إلى أن الخطاب سوف يؤدي إلى تفجير القضية الفلسطينية أكثر مما هي عليه الآن، وسوف يضع القضية الفلسطينية كفريسةٍ لبعض التنظيمات الدولية والإقليمية.
وأوضح العناني أن أبو مازن بهذا الخطاب التحريضي يساهم في إحداث شرخٍ عمودي أو رأسي داخل المجتمع الفلسطيني؛ لأنه ينجرف وراء التشبيهات التي تمارسها الأنظمة العربية تجاه الحركات الإسلامية المعتدلة.
وقال إن أبو مازن لا يختلف كثيرًا عن أيٍّ من الزعماء العرب الذين يرفضون أي شريكٍ لهم، وخطابه يُعبِّر عن مخاوفه ومخاوف الأنظمة العربية القائمة من حالة المد الإسلامي في المنطقة.
ولذلك فأبو مازن ينوب عن بعض الأنظمة العربية في خنق حركةٍ سياسيةٍ مثل حماس، متسائلاً: ماذا بعد أن يتم إقصاء حماس عن العملية السياسية؟

No comments: