• مبررات ما فعلته حماس

المركز الإعلامي لكتلة نواب
الإخوان المسلمين بالإسكندرية

الزهار: القسام اضطر لاقتحام المقرات الأمنية لاختباء القتلة فيها
أكد وزير الخارجية الفلسطيني السابق والقيادي في حركة حماس محمود الزهار أنه لا يحق للرئيس عباس إقالة الحكومة الفلسطينية التي وصفها بالشرعية واستبدالها بأخرى غير شرعية أعضائها من الأمريكان علي حد وصفه. وقال الزهار في مقابلة مع وكالة رامتان معلقا علي قرار الرئيس عباس بإقالة حكومة الوحدة وتشكيل حكومة طوارئ" هذا قرار غير قانوني فالرئيس عباس علق 3 قوانين من الدستور الفلسطيني وأقال حكومة شرعية لا يحق له إقالتها وأستبدلها بحكومة طوارئ أعضائها من الأمريكان". وأضاف الزهار في رده علي سؤال حول وجود حكومتين الأولى في غزة والثانية أن حكومة غزة شرعية وحكومة الضفة غير شرعية فهناك عدل في غزة وظلم واعتداءات في الضفة فهذا لن يدوم طويلا فهم يكررون تجربة غزة وأخشى أن يتكرر عليهم نفس المصير الذي حدث لهم في غزة علي حد قوله. وأشار القيادي في حماس إلي انه لا يوجد أفقا سياسيا لحل القضية الفلسطينية فأمريكا ليس لديها ما تقدمة ولا العالم العربي لديه استعداد للدخول في الفوضى التي خلقتها أمريكا التفافا علي نتائج الانتخابات التشريعية في يناير عام 2006 علي حد وصفه. ونفى الزهار وجود قرار مسبق باقتحام المقرات الأمنية موضحا أن ما حدث هو اختباء عدد من القتلة في المواقع الأمنية مما أضطر بعناصر القسام والتنفيذية لملاحقتهم وحدث ما حدث واصفا إدعاء البعض بوجود قرار مسبق للاقتحام بالكذب الواضح. وفى معرض رده علي سؤال حول مصير الصحفي البريطاني المختطف في غزة ألن جونستون أكد الزهار أن وفد من حماس التقى بالخاطفين وانه سيتم إطلاق سراحه قريبا وإذا لم يستجيب الخاطفين للمساعي السلمية فيمكن اللجوء لخيارات أخرى. وأوضح أن حركة حماس لا تجرى أية اتصالات مع الحكومة البريطانية بهذا الخصوص وان حماس تعمل لإطلاق سراحه لأنه ضيف علي فلسطين ولأنه جدير بالاحترام
تاريخ الخبر : 19/6/2007

القوة التنفيذية» عبرت عن الوحدة الوطنية
هيثم الصادق
صحيفة الوطن القطرية
كشفت الاشتباكات الدموية التي جرت في غزة أن التيار التفريطي الأوسلوي قد حسم أمره ليكون أداة في المشروع العدواني الهادف إلى تصفية المقاومة الفلسطينية فبعد فشل "إسرائيل" في تحقيق أهدافها بوقف عمليات المقاومة الفلسطينية وبعد أن ثبت لتيار أوسلو أن التحالف الاميركي - الإسرائيلي لن يقبل به خارج الدور المرسوم له في خدمة أمن "إسرائيل" فقد افتعل ذلك التيار تلك الصدامات الدامية للتأكيد على أنه ما زال قادراً على اسداء خدماته ل"إسرائيل" وبالتالي لكسب الأاوسمة والامتيازات التي يقدمها له التحالف الاميركي - الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة.
لقد حرصت حركة حماس منذ البداية على مكافحة ظاهرة الاقتتال والفوضى في الشارع الفلسطيني بين الأجهزة الأمنية الخاضعة للمتنفذين في حركة «فتح» ومحاولات هذه الأجهزة فرض هيمنتها بالقوة على الشارع الفلسطيني ورفض الخضوع لمرجعيتها الشرعية وزارة الداخلية التي أفرزتها انتخابات ديمقراطية نزيهة. فلجأت «حماس» في إطار إيمانها بالعمل الوحدوي الفلسطيني لتشكيل القوة التنفيذية كقوة أمنية شرطية تتبع لوزارة الداخلية وتستمد شرعيتها من نص القانون الأساسي بمادته الثالثة وتشكلت على أرضية وأسس الوفاق الوطني الميداني حيث شاركت فيها كافة الفصائل المسلحة ونسبة كبيرة من المستقلين وضمت 2500 فرد من «حماس» و1100 فرد من «فتح» و600 فرد من لجان المقاومة الشعبية و250 فرداً من الجبهة الشعبية وعدداً من الجبهة الديمقراطية و202 من جبهة التحرير العربية و100 من الجبهة الشعبية القيادة العامة و90 من كتائب أحمد أبو الريش و70 من مجموعات وديع حداد و540 مستقلاً وتم الإعلان عنها في 17/5/2006 ووقع على قرار تشكيلها الرئيس محمود عباس، فمن عطل دور هذه القوة؟
وهذا يؤكد أن «حماس» لم تنشئ جهازاً أمنياً مناوئاً كما يدعي تيار أوسلو بل جهازاً أمنياً وطنياً يحظى بشرعية الرئاسة والحكومة والفصائل الوطنية لكن وجود هذا الجهاز اعتبرته الأجهزة الأمنية الأوسلوية تحدياً لها. ورفضت الاعتراف بشرعيته الأمر الذي يؤكد النوايا المبيتة لهذه الأجهزة لفرض سلطتها القهرية على الشعب الفلسطيني ولم يكن سلاح القوة التنفيذية سوى سلاح أفرادها من الفصائل الفلسطينية، إزاء هذه الحقيقة فإن مطالبة تيار أوسلو بدمج القوة التنفيذية بأجهزة الأمن الفتحاوية هو محاولة للتنكر لشرعيتها التي أقر بها حتى الرئيس أبو مازن وهي ترتبط بالمرجعية القانونية للأمن - وزارة الداخلية، كما أن هذه القوة حققت من الانجازات ما لم يحققه جهاز أمني فلسطيني آخر مثل القبض على شبكات تزوير في قطاع غزة ومجموعات السقوط الأخلاقي التي ضمت شبكات كبيرة والقبض على أكبر شبكات ترويج المخدرات وأخطرها شبكة تقوم بسرقة جماجم الموتى واستخدامها في صناعة المخدرات.. فلمصلحة من يتم استهداف هذه القوة؟

الوضع الفلسطيني.. إلى أين؟!

أ.د. محمد اسحق الريفي
ماذا بعد... سؤال يطرح نفسه بقوة على الجميع في ظل ما شهدته الساحة الفلسطينية من تطورات في أعقاب نجاح حركة حماس في إنهاء تمرد عصابات الأجهزة الأمنية التي تولت تنفيذ مؤامرة أمريكية صهيونية معلنة لتصفية قادة حركة حماس وعناصرها، وهو سؤال يفرضه استمرار مسلسل التآمر الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد حركة حماس، خاصة في ظل القرارات الباطلة التي أصدرها محمود عباس والتهديدات التي أطلقها الاحتلال الصهيوني.

وفي البداية، تجدر الإشارة إلى أن إنهاء حالة الفلتان التي كانت تقودها عصابات تعمل في الأجهزة الأمنية، وتتخذ من حركة فتح مطية لها وغطاء تنظيمي لإجرامها، قد أصبح مطلباً شعبياً وهدفاً استراتجياً لحركة حماس منذ أن حالت تلك العصابات دون مزاولة الحكومة الفلسطينية العاشرة أعمالها والتمتع بكامل صلاحياتها، فتحولت تلك الحكومة إلى رأس بلا جسد وفق مخطط أمريكي صهيوني أشرف على تنفيذه التيار المتصهين في فتح.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الانقلاب على شرعية الحكومة، فقد تحولت تلك العصابات إلى أداة لنشر الفلتان الأمني بذريعة تأخر رواتبها، رغم أنها أنفقت على نشر الفلتان أضعاف مرتباتها، الأمر الذي أدى إلى تقويض أسس السلم والأمن في المجتمع الفلسطيني، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وتحويل غزة – تحديداً – إلى بيئة خصبة للإجرام والإفساد، فكان لا بد من وضع حد لهذه العصابات والتيار المتصهين الذي يرعاها وإخضاع الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية.

ولذلك فإن الحالة التي وصل إليها شعبنا في الضفة والقطاع جاءت نتيجة طبيعية وحتمية لتآمر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على القضية الفلسطينية، ورعاية ما يسمى "المجتمع الدولي" لتلك العصابات ودعمها بالمال والسلاح والعتاد، لتصفية حماس، وارتكاب الجرائم البشعة بحق شعبنا وقتل العشرات من أبنائه دون أي ذنب.

ولقد كثف العدو الأمريكي والصهيوني في الآونة الأخيرة من تحريضه لتلك العصابات ودفعه لها إلى ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة ضد شعبنا وقادة حماس وكوادرها، فوجدت حماس نفسها بين خيارين اثنين: إما السكوت على جرائم تلك العصابات خشية اندلاع حرب أهلية، وإما مواجهة تلك العصابات والسيطرة على الأجهزة الأمنية التي تحتضنها حفظاً للأمن ولوضع حد لمؤامرة أمريكية صهيونية إجرامية.

الخيار الأول كان سيؤدي إلى شق صف حماس وتمرد مجاهديها الذين نالوا النصيب الأكبر من إجرام تلك العصابات وعدوانها المتواصل، وهذا ما كان يسعى إليه الأمريكيون والصهاينة ويروجوا له، مستخدمين كل إمكاناتهم وإمكانيات عملائهم، طمعاً في خروج بعض عناصر كتائب القسام عن طاعة قيادتها العسكرية والسياسية وتحولها إلى خلايا منفلتة، وبالتالي تشويه صورة المقاومة الفلسطينية تمهيداً للقضاء عليها.

وقد كان العدو الأمريكي والصهيوني يأمل في أن يؤدي الخيار الثاني إلى اندلاع حرب أهلية تخرج منها الأجهزة الأمنية منتصرة على حماس ومجاهديها رغم أن المواجهات السابقة أكدت عكس ذلك تماماً، فقد أظهرت كتائب القسام في تلك المواجهات قدرة عسكرية فائقة وتمكنت من السيطرة على العديد من مواقع الأجهزة الأمنية بسرعة وبسهولة واستولت على أسلحتها وعتادها العسكري

لم يسع حماس إزاء هذه المؤامرة الخطيرة سوى تدارك الأمر بسرعة، والحفاظ على الحد الفاصل بين الصبر والعجز، والعمل بحنكة على حماية وحدة صفها ووجودها، والحفاظ على التأييد الشعبي الذي تحظى به، فضربت ضربتها الحاسمة، فأذهلت العالم، وخيَّبت ظن العدو الأمريكي والصهيوني، وقلبت الموازين الأمريكية والصهيونية، ووضعت المجتمع الدولي وجهاً لوجه أمام تعديه على حقوق شعبنا وفشله في كسر إرادته... وحق للجميع أن يسأل: "ماذا بعد".

ومن البديهي القول أنه لا يوجد خيارات كثيرة أمام حركة حماس وشعبنا المجاهد غير الصبر والثبات، وإعادة بناء الثقة وتمتين الجبهة الداخلية، والعمل على رفع معاناة شعبنا من خلال تكافله وتلاحمه، ونقل صورة الأوضاع في الضفة وغزة للعرب والمسلمين وكل العالم، وكشف حقيقة الدور الخياني الذي يمارسه محمود عباس وتياره المتصهين، وفضح المجتمع الدولي الذي توحد على انتهاك حقوق شعبنا والتنكيل به والتآمر عليه، وتعرية الاحتلال الصهيوني وفضحه، والتصدي للهجمة الإعلامية الشرسة ضد حماس والحكومة الشرعية التي تتولاها...

وفي ذات الوقت لا بد من مواصلة المقاومة ضد الاحتلال حتى دحره، وبذل كل الجهود الممكنة لكسر الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على شعبنا وحكومته الشرعية، والعمل على فتح الحدود بين مصر وغزة لينال شعبنا حقه في السفر والتنقل والتجارة أسوة بكل شعوب الأرض ووفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية والأعراف الإنسانية والشرائع السماوية...

وتجدر الإشارة إلى ضرورة قيام الأحزاب والتنظيمات والحركات العربية والإسلامية، والمؤسسات الفكرية والثقافية والسياسية العربية والإسلامية، والقادة السياسيين والمفكرين والمثقفين والعلماء والدعاة المسلمين بدورهم في نصرة شعبنا ودعمه، وتحمل مسؤولياتهم القومية والدينية والإنسانية، والضغط على النظام الرسمي العربي من أجل كسر الحصار عن شعبنا ورفع الظلم عنه.

وهنا يحق لنا التساؤل عن سبب تجاهل بعض الفضائيات العربية المشهورة لمعاناة شعبنا، ونقلها المشوه والمختزل وغير الحيادي لحقيقة الأوضاع في الضفة وغزة، وعدم التزامها بالمصداقية، وتبنيها لوجهة النظر الأمريكية والصهيونية ورواية التيار المتصهين للأحداث...!!

إن أكبر تحدٍ يقف اليوم في وجه حماس وشعبنا المجاهد هو وجود فئة من أبناء الشعب لا تنظر إلى القضية الفلسطينية إلا من خلال معايير غير وطنية تتعلق بحياتها المعيشية، فمثل هذه الفئة لا تؤمن بمعاني التضحية والصبر وتحمل المعاناة والاحتساب عند الله عز وجل، وتعتبر مصالحها فوق كل الاعتبارات الوطنية والدينية. وعادة لا تشعر هذه الفئة بتضحيات الشهداء وما يلاقيه المعتقلون واللاجئون من شتى صنوف الذل والمهانة والعذاب.

وهذه الفئة هي مادة الآلة الإعلامية الصهيونية التي تشن حرباً نفسية على شعبنا وتسعى إلى النيل من إرادته وعزيمته، وهي وسيلة الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي لتأليب شعبنا وتحريضه ضد حكومته الشرعية.

أما التحدي الثاني، فهو يكمن في أن شريحة واسعة من الشعوب العربية والإسلامية لا تعرف حقيقة ما يجري في فلسطين وتستقي معلوماتها من وسائل الإعلام التي تزور الحقائق وتشوه الصورة، إضافة إلى اعتمادها في فهم الأمور على الأقلام التي تمارس الإرجاف والتثبيط، الأمر الذي يؤدي إلى تثبيط الهمم وتخلي العرب والمسلمين عن مسؤولياتها تجاه شعبنا، وإطلاق العنان للنظام الرسمي العربي للمساهمة في حصار شعبنا والتآمر على حكومته الشرعية التي تقودها حماس.

أما بالنسبة لخيارات العدو الأمريكي والصهيوني فهي كثيرة، وهي تتراوح بين خنق غزة وتجويعها حتى الاستسلام أو الموت وبين مساومة حماس على المعابر والحدود في مقابل وقف إطلاق صواريخ القسام على المغتصبات الصهيونية وإطلاق سراح الجندي الصهيوني الأسير...

وبين الخنق والمساومة، ستجيش الولايات المتحدة الأمريكية وسائل الإعلام العربية التي تمولها وأبواق الدعاية الصهيونية التي تمتلكها لشن حرب نفسية على شعبنا، وتشويه صورة حماس لدى العرب والمسلمين والعالم، وربطها بأحداث العنف في لبنان وانتشار الإرهاب في العالم، والطعن في استقلالية مواقفها وقراراتها...

وسيحاول العدو الصهيوني إحكام سيطرته على الضفة الفلسطينية لمنع تكرار الحالة الغزية فيها، وسيستغل العدو الأمريكي والصهيوني فلول التيار المتصهين الذي فر إلى الضفة ويوظفه في محاولة تصفية حماس والقضاء على ذراعها العسكري.

كما أن الجيش الصهيوني قد أعد خطة عسكرية لإنشاء شريط حدودي على أراضي قطاع غزة، لمنع إطلاق صواريخ القسام على المغتصبات المجاورة للقطاع، واستخدام فلول التيار المتصهين دروعاً بشرية لحماية مغتصبة اسديروت ومرتزقة لمحاربة كتائب القسام...

وفي ظل استمرار مسلسل المؤامرات على القضية الفلسطينية، لا يوجد أمام شعبنا سوى التمسك بالثوابت والحقوق وعدم الرضوخ لإملاءات المجتمع الدولي ومطالبه وشروطه...

ولا يوجد أمام الحكومة الشرعية التي تتولاها حماس سوى الاستمرار في عملها وأخذ صلاحياتها كاملة – على الأقل في قطاع غزة – رغم المرسوم العبثي الذي أصدره عباس وتمخض عنه ولادة حكومة عبثية باطلة بكل المعايير، ولا يوجد أمام الحكومة الشرعية غير المبادرة إلى إنجاز برامجها للإصلاح والتغيير، ورفض مخطط فصل الضفة عن غزة أو إقامة دولة فلسطينية في غزة.

ومع حسم الأمور في غزة لصالح شعبنا وحركته المقاومة، والقضاء على أدوات التآمر الأمريكي الصهيوني هناك، وانتهاء ظاهرة الفلتان واختفاء أسبابها، فلن يضر شعبنا العزل والخنق والتآمر، طالما أن جبهته الداخلية موحدة وعصية على الاختراق والتمزيق، وليذهب الصهاينة والأمريكان وعملاؤهم وحلفاؤهم ومؤامراتهم إلى الجحيم.

(( نقلا عن المركز الفلسطينى للاعلام ))


تحرير غزة من أوسلو
بقلم : د. رفيق حبيب
ليس من المناسب السؤال عن صحة أو خطأ قرار حركة المقاومة الإسلامية حماس، بالسيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة، وبالتالي السيطرة على مقرات الأجهزة الأمنية. فالواقع الراهن ليس مرحلة من مراحل الاختيارات الحرة، بل الواقع يكشف عن لحظة الاختيار الوحيد. ومهما تعدد المقترحات والتصورات، سنجد على أرض الواقع أن كل الخيارات ليست متاحة أصلا، ولا يوجد إلا اختيار واحد، وهو المضي إلى الأمام. نقصد من هذا أهمية تحديد التحدي الذي واجهته حركة حماس،
حتى نعرف الاختيارات المتاحة لديها. والتحدي الأساسي، كان في وجود مخطط معلن ومحدد للقضاء على الجناح العسكري لحركة حماس، كليا أو نسبيا، وإخراجها من السلطة، والدخول معها في معركة تحجيم قدراتها كحركة مقاومة مسلحة. والحقيقة أن دفع حركة حماس للدخول في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، كان بهدف حصار الحركة في المجال السياسي، والقضاء على دورها كحركة مقاومة. على أساس التخلص أولا من قدرات الحركة العسكرية، ثم حصارها سياسيا، ثم إخراجها من المشهد الفلسطيني. والهدف النهائي هو احتكار السلطة والقرار من النخبة المسيطرة على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهي نخبة التسوية والتحالف مع المخطط الصهيوني الأمريكي.

ولكن حركة حماس فازت بالأغلبية، وكان يراد إدخالها العملية السياسية، بحجم محدود يقلص من صورتها كحركة جماهيرية. وفي نفس الوقت، حافظت الحركة على جناحها العسكري وعلى قدراتها كحركة مقاومة، ومارست المقاومة في الحدود الممكنة، والتي لا تتعارض مع حاجتها إلى دعم وبناء قدراتها كحركة مقاومة مسلحة.
وبهذا أصبح من الضروري التخلص من جناحها العسكري، والذي ينمو أكثر في ظل وجود حركة حماس في السلطة، حيث وفرت الحركة بوجودها في السلطة غطاءا شرعيا لحركات المقاومة، يسمح لها ببناء قدراتها العسكرية. بهذا أصبح أمام قيادات السلطة الفلسطينية، أي جناح الاستسلام المتعاون مع الكيان الصهيوني، تحدي مهم يتمثل في جر حركة حماس إلى اقتتال داخلي لتصفية كوادرها العسكرية. وفي نفس الوقت قامت إسرائيل وأمريكا ودول عربية بتسليح جناح العمالة في حركة فتح وفي السلطة، ليكون جاهزا لدخول معركة القضاء على الجناح العسكري لحركة حماس، وبعد ذلك يتم إخراج الحركة من العملية السياسية، وتبدأ معركة القضاء على الحركة، والقضاء على المقاومة، لتسليم فلسطين للمشروع الأمريكي الصهيوني.

وهنا لن نسأل لماذا دخلت الحركة في العملية السياسية منذ البداية، لأن دخولها أو عدم دخولها، لا يؤثر على موقف الطرف الآخر، لأن القضاء على قدراتها العسكرية وتحجيم دورها، وربما القضاء عليها، كان هدفا مستمرا منذ اتفاقيات أوسلو، وما حدث للحركة من اعتقالات في عام 1996، شاهد على ذلك. لهذا كان أمام الحركة اختيار الوحدة الوطنية وتنقية أجهزة الأمن وجعلها تحت سيطرة الحكومة، والعمل من أجل التوافق الوطني على برنامج عمل سياسي، وهو ما تمثل في وثيقة الوفاق الوطني. ولكن القرار النهائي في هذا الاختيار لم يكن بيد حركة حماس، بل بيد الطرف الآخر، أي جناح المشروع الصهيوني، وهذا الجناح كان يرفض هذا البديل تماما، لأن معناه تقوية جبهة المقاومة وقدراتها، وتقوية حركة حماس سياسيا،
وهو أمر يتعارض مع المخطط الأمريكي الصهيوني. هنا لم يكن أمام حركة حماس اختيارات، لأن استسلامها لمخطط استنزاف الحركة واستنزاف كوادرها العسكرية، ثم القضاء عليها في نهاية الأمر، ليس اختيارا بل انتحارا. ولهذا قامت الحركة بالسيطرة على قطاع غزة والسيطرة على الأجهزة الأمنية، أي على الأجهزة الحامية للمشروع الصهيوني الهادف لضرب حركات المقاومة. وهذا ليس اختيارا يمكن تقيم صوابه من خطأه، بل هو البديل الوحيد أمام الحركة، لتتحرك إلى الأمام، لأن التحرك خطوة واحدة للخلف معناه نهاية الحركة وربما نهاية مشروع المقاومة برمته.

وما قامت به الحركة، كان عملية ذات طابع خاص وتأثير واسع المدى. فقد تحرر قطاع غزة من اتفاقيات أوسلو، أي تحرر من وجود سلطة وأجهزة أمنية من أهم مهامها التي أنشئت من أجلها، وحسب اتفاقيات أوسلو، أن تحمي إسرائيل من ما يسمونه الإرهاب، أي أن من المهام الأساسية للأجهزة الأمنية مواجهة حركات المقاومة، والسيطرة على فعلها المقاوم تجاه الكيان الصهيوني. ولهذا أصبحت غزة محررة من تلك الاتفاقيات الظالمة لحقوق الشعب الفلسطيني. وبهذا قامت في غزة سلطة وطنية فلسطينية منتخبة من الشعب ولها برنامج عليه إجماع وطني. وليس صحيحا أن يقال أن حماس قامت بانقلاب عسكري، لأن الفصيل الحائز على الأغلبية البرلمانية والذي يرأس الحكومة، هو من يمثل السلطة، ولا يمكن أن ينقلب عليها، ولكن الواقع أكد أن الفصيل المنتخب من الشعب الفلسطيني،
لم يكن متاحا له السيطرة على السلطة ولا على الأجهزة الأمنية، وبهذا قامت الحركة بمساندة الحكومة للسيطرة على صلاحياتها الممنوحة لها بحكم القانون. وهنا تحررت السلطة من النخبة الحاكمة، التي اختطفت السلطة وأجهزتها لصالح المشروع الصهيوني. بهذا يكون قطاع غزة هو الجزء المحرر من الاحتلال الإسرائيلي ومن أعوانه وأتباعه.
وتلك في الواقع لحظة فاصلة في تاريخ النضال الفلسطيني، ولحظة فاصلة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية. ولكنها في الواقع لحظة حرجة، ولحظة مواجهة جديدة، بل قد تكون لحظة للمعارك والتحديات الفاصلة. وسيكون أمام حركة حماس العديد من القرارات الصعبة، والبعض سوف ينصح الحركة بالمرونة والتهدئة، وهي أمور مطلوبة أحيانا، ولكن المهم أن تتحرك حماس إلى الأمام دائما، فلا مساحة للعودة للوراء.
(( نقلا عن موقع المصريون ))



حماس ..... لماذا خُرقت السفينة ؟؟)) لقد جئت شيئاً إمراً ))
بقلم الأستاذ محمد أحمد الراشد

ذات يوم موعود ، التقى موسى –عليه السلام- مع ذلك الرجل الصالح.. فقال له موسى في تواضع جمّ :

(هل أتبعك على أن تعلّمن مما علّمت رشدا)؟ وردّ عليه الخضر –عليه السلام – مصارحا بما في اتّباعه من مشقة ربما لا يتحملها موسى :

(إنك لن تستطيع معي صبرا ، وكيف تصبر على ما لم تحط به خُبراً؟)

ولكن إصرار موسى جعله يعطي العهد الرضائي بالصبر والانقياد والطاعة والانضباط أثناء هذا السير الإيماني لبلوغ الغاية التي أرادها.ولكنه سرعان ما فقد صبره وانقياده ..وطاعته وانضباطه ..فبدأ ينكر على الخضر أعمالا كان يراها – من وجهة نظره- مستنكرة لا تدل على صلاح أو رشاد.

إن هذا المشهد من هذه القصة القرآنية ، يذكرني بموقف أحد فتيان الدعوة الإسلامية إذ رأيته ذات يوم ينكر في غضب شديد على أحد الدعاة القادة ويعنفه قائلا:يا شيخ لقد شوهتم العمل الإسلامي ..يا شيخ لقد غيرتم المنهج ..يا شيخ خطاباتكم ومواقفكم غريبة ..يا شيخ ...لقد أعطيتم الدنيّة في دين الله ....إلى قائمة طويلة من النداءات… والإدانات والشيخ في كل هذا لم ينبس بكلمة ، حتى طلب منه هذا الشاب أن يتكلم ..فلم يلبث أن ابتسم وهو يقول : يا بني :

( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ،فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا )

إن هذا المشهد من قصة موسى مع الخضر يحمل دلالات تربوية بعيدة نحن اليوم في أمس الحاجة إلى إدراكها..إنها تعكس الفجوة التي نحملها في تربيتنا وتكويننا بين المثال والتطبيق أو بين التصور النظري والخبرة التي يولدها التجريب العملي ..

إن فقدان هذه الخبرة يجعل إمكانية الصبر على طول الطريق وعقباته ضعيفا أو محدودا

(وكيف تصبر على ما لم تحط به خُبراً؟)

وسفينة الدعوة –بحمد الله – قد مخرت البحار وقطعت أشواطا ومراحل وتجاوزت الكثير من العقبات والأمواج…وهي اليوم تحتل مواقع و مراكز متقدمة ..لكن مقتضيات (فن إدارة الصراع) الذي نعالجه اليوم في هذا العالم المعقد العلاقات ،قد يضطرنا – كقادة- في بعض الظروف إلى إعمال خيار (خرق السفينة) ..بإحداث تلك الخروقات العمدية في هيكلها ؛خروقات ستأثر على جمالها وبهائها وتجعلها معيبة بلا شك ..خروقات ستأثر على حركة اندفاعها وتقدمها يقينا..بل قد تؤدي إلى (احتمالات) الغرق إذا لم نأخذ احتياطاتنا..

ولكنها وبالمنطق نفسه ؛ستحافظ على مكتسباتنا التي حققناها طيلة سيرنا..وستصون مصالحنا الكبرى التي حصّلناها بجهودنا وتضحياتنا ..وستفوت الفرصة على أعدائنا وخصومنا وتربكهم..ومن أجل هذه الغايات الكبرى فإن منطق الموازنة يدفعنا إلى قبول (وأهون الشرين ) .

والمشكلة الحقيقة التي يطرحها هذا القصص القرآني يمكن أن نصوغها في هذه المسائلة :وهي لماذا نقبل بهذا المنطق الجميل الذي لا نكاد نختلف فيه من حيث النظر والتنظير ، والذي نطقت به فلسفة تشريعنا ..ثم نختلف أثناء تنزيله على الواقع ؟؟

كلنا يحسن الكلام عن (فقه الموازنات) و(فقه الأولويات) و(فقه النسب) و(فقه السنن) و..الخ

ولكن لا أحد منا يجيد تطبيق هذه المعاني وإنزالها منزلة التجريب العملي..وإنْ حدث أن اجتهد أحدنا في ذلك أنكرنا عليه ووصفناه بأنواع من التهم …

إن عدم الوعي بهذه المعاني أرهقنا وبدد جهودنا وضيع أوقاتنا ، والمطلوب منا اليوم (إعادة النظر) في مناهج تربيتنا الدعوية ..

وبعد هذا الاستطراد…أعود إلى النص القرآني لأقول :

إن ذكر لفظ هذا (الملك) الظالم الذي لا يقتنع بما عنده –رغم أنه ملك- وتمتد يده الغاصبة إلى ملك الغير..يكاد يشعرنا أن إعمال خيار (خرق السفينة) هذا ..ستدفعنا إليه مواقعنا الجديدة وواقعنا المتجدد الذي فيه الكثير من المتاح الإعلامي والسياسي مما يتطلب انفتاحا على الأخر ومشاركةً له ومخالطة.. ف(المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)..

وإن هذا (الأذى) المذكور في الحديث هو ذات الخروقات التي نتحدث عنها..فالنزول إلى مواقع اهتمام الناس ..ومشاركتنا لهم ..ودفاعنا عن حقوقهم ..ومجادلتنا لفسقتهم.. ومجالستنا لهم في المعروف..سيكون على حساب الكثير من معاني السكينة التي كنا ننعم بها يوم كنا حمائم للمسجد..وكان همّ أحدنا ينحصر بين سارية المسجد ومحرابه ، حتى أكلتْ حصائره البغدادية البالية أجسامنا ..

أما اليوم فمنطق (أردت أن أعيبها) يتطلب منا خروجا إلى الناس ..ويتطلب منا تجوالا في الأسواق.. وتعليما في المدارس.. وإرشادا ومعارضة في البرلمان …ونظرا في الصحف وسماعا للأخبار..ومحاورة لفاسق.. ومدارة لظالم..ويتطلب منا قبولا في صفنا بنصف الشجاع.. وبنصف الذكي.. وبالساذج المتعبد الذي لا يحسن السياسة ..وبالسياسي اللبق جاف القلب الحريص على مصالحه.. وبالأقل كرما ..وبالمتزوج بسافرة ..

بل وبالسافرة نفسها ..وبصاحب الزهو….ماداموا كلهم يقيمون فروض العبادة ويلتزمون فكرنا..ويتطلب كذلك منا الكثير من التنازلات والتحالفات لتسييج الدار، ورصّ الصف ،وتفويت الفرصة على الكائد…ولعل هذه الظاهرة الموسوية في الإنكار تكررت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عندما بلغت الدعوة (مرحلة الانفتاح السياسي).. وعندما باشر النبي صلى الله عليه وسلم أول عمل دبلوماسي أقصد (صلح الحديبية) الذي سماه القرآن الانفتاح المبين (الفتح)..

وقد حفظت لنا السيرة مواقف أغلب الصحابة عليهم الرضوان الذين لم يدركوا يومها أبعاد هذا الخيار ، فلهجت ألسنتهم بالإنكار..وقد تمظهرت آثار منطق (أردت أن أعيبها) في بعض الشروط المجحفة التي قبلها النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عدم كتابة البسملة، وعدم التنصيص على صفة رسالية الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أن عليا كرم الله وجهه أبى أن يشارك في بعضها رغم أمر النبي له بذلك؟بل إن عمرا رضي الله عنه قالها صراحة : أنعطي الدنية في ديننا؟؟

طبعا يومها كان المخزون التربوي للصحابة وافرا من حيث القدرة على البذل والتضحية والكرم و(صناعة الموت الشريف)..

لكن هذه الحادثة أحدثت فيه التوازن بين متطلبات عزة المؤمن وشموخه ومقتضيات مصلحة الدعوة وصناعة الحياة..وأزعم أن الطبيعة الاندفاعية والانفعالية التي كان يتمتع بها موسى عليه السلام أريد لها أن تتغير بهذه الصحبة المباركة الموقوتة التي صحب فيها الخضر عليه السلام..

إن أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من تخطيط أثيم تملي علينا ضرورة إعادة النظر في مناهج التربية الدعوية في ضوء خيار (خرق السفينة) فقد أرهقتنا أعمال غير مسؤولة تؤمن فقط بخيار (استعراض العضلات) وبمنطق (فوكزه موسى)..

ورغم هذا فلازلنا بخير كما أخبرك محمد إقبال رحمه الله بعد أن أخذ عصى موسى وورث علم الخضر ووعاه :

أمسِ عند البحر قال * الخضرُ لي قـولاً أعيه ْتبتغي الترياق من * سُــمِّ فــرنجٍ تتقيهْ فخذنْ قولاً سديداً * هو بالسيــف شبيهْ ذا مضاءٌ وضياءٌ * خبــــرةُ الصقيل فيهْ إنما الكافر حيرانُ * له الآفـــــاق تيهْ وأرى المؤمن كوناً * تاهت الآفـــاق فيهْ

فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها

أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمرا


غزة لحماس والضفة لفتح.. ماذا بعد؟
ياسر الزعاترة
بسيطرتها العسكرية على قطاع غزة، يمكن القول إن حماس قد أعادت توحيد حركة فتح، ربما تحت ظل ذات الفئة التي عملت منذ الانتخابات على التحرش بها وجعل وجودها في الحكومة صعباً، بل ربما مستحيلاً. من المؤكد أن حماس لم تتعامل مع خطوتها العسكرية بوصفها انقلاباً على الشرعية الفلسطينية أو السلطة بتعبير أدق، بل تعاملت معها بوصفها خطوة لتحسين شروط الشراكة السياسية التي لم يشأ الطرف الحاكم في السلطة منحها أفقاً حقيقياً يحقق للحركة فرصة التجذر في المعادلة السياسية الفلسطينية. نقول ذلك لأن حماس ليست غبية كي لا ترى واقع المعادلة الإسرائيلية والعربية والدولية المعادية لها. والخلاصة أن ما تريده حماس هو العودة إلى اتفاق مكة لا أكثر، رغم علمها أن حصتها في الحكومة بحسب نصوص الاتفاق هي أقل من حصة الرئيس وحركة فتح.
كانت رؤية حماس هي وقف لعبة التحرش المتكررة وحسم الموقف على نحو يؤدي إلى التفاوض مع الرئيس على رؤساء جدد للأجهزة الأمنية ووزير داخلية بكامل الصلاحيات، وصولاً إلى تكريس حكومة الوحدة القادرة على وقف الانفلات الأمني وتحسين شروط حياة الناس، ولو في الحد الأدنى، والخلاصة أنها سعت إلى إقناع "الانقلابيين" بحسب تعبيرها بأن لعبة طردها وتنغيص حياتها في الحكومة وصولاً إلى إقصائها لن تنجح، وأن زمن "القنية"، أي الزجاجة، زجاجة البيبسي أو ما شابه، بحسب تعبير بعض عناصر فتح، "أي التعذيب بالطريقة المعروفة" لزعماء حماس لن يعود من جديد أياً يكن الثمن. لكن مشكلة هذا التصور تكمن في الوضع العربي الذي ينبغي أن يقود الوساطة لتحقيق ذلك، هو الذي لم تكن بعض محاوره بعيدة عما جرى ويجري، وها هو الموقف المصري المساند للسلطة في مواجهة حماس يؤكد هذا المسار الرافض لإنجاح تجربة الوحدة والشراكة الفلسطينية، أكان في سياق الرد على الدور السعودي في اتفاق مكة، أم في سياق الرفض الواضح لوجود حماس في خاصرته الفلسطينية.
الموقف العربي ليس وحيداً بالطبع، فها هو جورج بوش يدخل على الخط من خلال دعم الرئاسة، فيما لم تكن خطة "دايتون" الشهيرة سوى محاولة لقلب الوضع في غزة على غير ما انتهى إليه، وتبقى المحاور الدولية الأساسية التي ذهبت في ذات الاتجاه على تفاوت في حدة موقفها من حماس.
في ضوء ما جرى يمكن القول إن قطاع غزة (الداخل بالطبع) قد أصبح تحت سيطرة حماس، فيما تخضع الضفة الغربية لسيطرة حركة فتح، وفيما كان هناك قدر من القتال بين الطرفين في غزة، فإن شيئاً من ذلك لن يحدث في الضفة التي لا تملك فيها حماس قوة عسكرية، والنتيجة هي تعرض عناصرها للتنكيل من قبل كوادر فتح في سياق الرد والانتقام والتحذير، فضلاً عن المؤسسات التي استبيح أكثرها، سواء تم ذلك بقرار قيادي، أم تم بقرارات ميدانية من قبل عناصر فالتة تستمتع باستثمار أجواء الفوضى المشابهة.
حماس في غزة لن يكون بوسعها تقديم أي دعم لعناصرها في الضفة، اللهم سوى تعداد خسائرهم في فضائية الأقصى ومواقع الإنترنت، بينما هم واقعون بين مطرقة عناصر فتح وسندان الاحتلال الذي لم يترك منهم الكثير في المواقع العامة، إذ اعتقل وزراؤهم ونوابهم وأعضاء بلدياتهم وقادتهم من دون حساب.
الآن تستعيد فتح روحها الحزبية وتتوحد خلف قرار الرئاسة بإعلان حالة الطوارىء وحل حكومة هنية وتشكيل أخرى برئاسة سلام فياض، ولكن المشكلة أن قراراً كهذا لن يوضع موضع التنفيذ إلا في الضفة الغربية، وحيث يخضع كل شيء للسلطة وحركة فتح، بينما سيبقى الوضع في قطاع غزة على حاله، اللهم إلا إذا قرر المصريون الدخول على الخط مباشرة لتعديل ميزان القوى، أو قرر الإسرائيليون التدخل بطريقتهم، الأمر الذي يبدو مستبعداً في الوضع الراهن.
الآن يمكن القول أننا إزاء مسارين أحدهما يحقق الحد الأدنى من المصلحة الفلسطينية، والثاني يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى، ما دام المسار الثالث الأفضل لن يتحقق، أعني حل السلطة التي تأكد العقلاء أن وجودها مصلحة إسرائيلية من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية، وبالطبع بسبب رفض قيادة السلطة ومرجعيتها العربية ذلك خوفاً على الذات من عصا واشنطن التي غدت منذ ست سنوات الحارس الأمين للمصالح الإسرائيلية، ولو على حساب المصالح الأمريكية.

المسار الأول هو وساطة عربية تؤدي إلى تعامل السلطة مع الواقع الجديد والتوافق مع حماس على إعادة هيكلة للأجهزة الأمنية في قطاع غزة، ربما بذات الكوادر القديمة، ولكن بقيادة جديدة ليست لها أجندة سياسية مناهضة لحماس، وبقاء أو إعادة حكومة الوحدة التي تتمتع فيها قيادة السلطة بالمواقع الرئيسة (الإعلام والمالية والخارجية، مع وزير داخلية مستقل)، والخلاصة هي العودة إلى اتفاق مكة ومبدأ الشراكة السياسية المتوازنة ريثما يستجد وضع جديد بعد ثلاث سنوات (أعني الانتخابات التالية)، أو تعود الانتفاضة الشاملة بعد اليأس من المسار السياسي الذي تتبناه قيادة السلطة.
المسار الثاني هو استمرار الارتباك والفوضى السياسية، أي لا حكومة ولا توافق، أو حكومة جديدة إلى جانب أخرى قديمة، مع استتباب نسبي للأمن في القطاع واستهداف ما لحماس في الضفة الغربية، مع مواصلة العمل من طرف السلطة بدعم عربي وإسرائيلي ودولي من أجل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل التحول الجديد.
حماس في هذه الحالة ستخضع لحصار متعدد الأبعاد من أجل فرض وضع سياسي خانق وواقع شعبي مناهض بسبب الحصار المالي والاقتصادي، وربما إغلاق المعابر الأمر الذي سيثير سخط الناس على مختلف الاتجاهات، لكن الاستتباب الأمني ربما أشعرهم بجانب حسن فيما يجري.
معادلة بالغة التعقيد من الصعب الجزم بمآلاتها، ولو كانت المصلحة العليا الفلسطينية هي الحاكمة على سلوك الجميع لكان المسار الأول هو المفضل، لا سيما أن حماس لا تريد الانقلاب، بقدر ما تريد الاعتراف بها شريكاً سياسياً حقيقياً، وليس طارئاً يجري العمل على إقصائه بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
صحيفة الدستور الأردنية

في "رثاء" فرقة الموت!
رشيد ثابت
ثلاثة عشر عاما وأكثر وحماس تتصبر وتصابر وترابط...عقد ونصف من الخنا والخيانة والتأصيل والتمكين للمشروع الخياني؛ وحماس تعض على الجراح وتسكت من يوم عذِّب مجاهدوها واعتقلوا! تسكت على أمل أن يصحو الأخ من سكرته؛ ويفيق الجلاد لابن وطنه الذي يقضي في سجنه!
دخل المجاهدون السجون؛ وخرج العملاء منها لتقلد مناصب أمنية كبرى ولا أحد يحرك ساكنا؛ وكل ذلك على أمل أن تنتج مواعيد الهباء من ياسر عرفات أملا للشعب الفلسطيني! كان أكثر الناس مخدرا على أمل الحل الدائم الذي سيأتي بعد خمس سنوات من الاتفاقية؛ وفي سبيل ذلك تغافلوا عن أنين الشيوخ المعذبين بأيدي قرامطة أوسلو...ثم انقضت الأعوام الخمسة وتلتها أعوام أخرى؛ وغدت القيادات العميلة - التي كان عرفات سماها "مداساتٍ" لعبور الوحل الصهيوني – وحوشاً تغولت بما سرقت من مال الفساد والانتفاع؛ ومفترسة بما شربت من دماء المجاهدين؛ وغار ماء وجهها بعدد ما سلمت من ناشطين للصهاينة؛ وانقلب الكلب على سيده؛ وقتل ياسر عرفات ضحية تذاكيه ولعبه بالنار واستبقاء الأحصنة المتعبة – لا بل بنات آوى الغادرة الخؤونة – في محيطه الضيق وعلى رأس فريقه للعمل السياسي!
فهل كان على حماس أن تستمر في عد العصي؛ وتقديم الدعاة والحفظة والمجاهدين أضحيات وقرابين على مذبح السكوت على الأخ القاطع وابن الأسرة الخالع؟ هل يجب أن تمضي لعبة القط والفأر فقط لأن صعلوكا اسمه دحلان يحرك مجاميع من الأراذل لا للقتال كرجال؛ ولا لمحاربة جنود القسام كمقاتلين أكفاء؛ بل للغدر بالأئمة في بيوتهم والمصلين في مساجدهم!
كان لا بد لهذه الصفحة أن تطوى؛ ليس ثأرا لمن قتلوا غيلة وحسب؛ ولا ثأرا لكل عار الخيانة والعدوان على المجاهدين منذ العام 1996 فقط؛ ولا لأن القتلة من فرقة الموت عملاء يتسلحون من أمريكا وعلى عين "إسرائيل"؛ بل لأن فلسطين تستحق أحسن من هذا الوسخ بكثير! جسد فلسطين العملاق لا يستحق رأس خنزير يزاحم رأس المقاومة الشريفة والجهاد المقدس؛ وكان لا بد من اجتثاث شجرة زرعها يعقوب بيري؛ وسهر عليها الشاباك؛ وجاء يتعهدها "دايتون" الأمريكي؛ فخاب فأله!
لكن كلمة "اجتثاث" كبيرة فعلا على فرقة الموت؛ فهؤلاء الجبناء أثبتوا أنهم ما لهم من قرار؛ وأنهم ليسوا من الرجولة في شيء؛ وكان الأولى بهؤلاء الصعاليك أن يسموا أنفسهم فرقة الغدر؛ فهم لا يصلحون لحمل السلاح والمواجهة كرجال؛ وأكثر ما يستطيعون إنجازه الطعن في الظهر! فأين أنت يا محمد دحلان؟ أين أنت من قولك يا دجال: "قناصة مش قناصة خلي حماس تطخني"؟! الله بينك وبين المخابيل الذين صدقوك وتابعوك يا كذاب!
أين أنت يا مشهراوي؟ وأين أنت يا قائد الحرس العباسي "البريغيدير" مصباح البحيصي؟ هل كان الفرار من معبر "ايريز" سهلا لهذا الحد؟ ألم يشك الجندي الصهيوني ولو بنسبة واحد في المليون ان عرقك الفلسطيني قد ينزعك وتقرر مثلا أن تنفذ عملية فدائية في فلسطين المحتلة عام 1948 أو على الحاجز؟ أم أنه كان واثقا من خيانتك وتشربك بها حتى النخاع؟!
فرقة الموت تستحق اسم فرقة الجبناء؛ فلا أعرف أحدا من رجالها قاتل بشرف! هناك صعلوك اسمه سميح المدهون – بعيد عنه شرف صعاليك الجاهلية الكرام كطرفة والمتلمس – كانت حماس قد عفت عنه وأجلته من منطقته؛ فما كان صنيع اللئيم إلا الاستقواء على بيوت العزل في وكره الجديد في المنطقة الخضراء سرقة وقتلا وحرقا للأملاك الخاصة!
وإن كان العملاء الكبار قد فروا إلى مصر والكيان فإن الصغار منهم فروا إلى المنتدى بكل قلة شرف؛ في براقع للنساء مثل شلايل وفي زي نسائي كامل مثل ماهر مقداد؛ وحتى من قتل منهم فقد اصطيد متخفيا يوشك على الفرار مثل المجرم القاطع الجديان؛ ولا يعرف قيادي واحد من هؤلاء العتلات المجرمين قتل مقبلا غير مدبر!
وقد تأذن رب العزة فجعلت كتائب القسام عالي هذه الفرقة سافلها! وينظر الصهاينة الآن لجهد استخباري عمره ثلاثة عشر عاما يقضي وينهار كبرج من الورق كما قال المحلل الصهيوني "إيهود إيعاري"...ويكتشف "دايتون" الآن أن ثقته كانت في غير محلها أبدا؛ فقد ضاع وصار هباء منثورا ما كان يطمئن به أعضاء الكونغرس الأمريكي والمسؤولين الصهاينة من أن الأسلحة التي يرسلها لفرقة الموت – بكل عناوينها من وقائي إلى حرس الرئاسة – سوف لن تضل الطريق؛ ولن توجه ليهود! ضاعت تطميناته وثبت أن ثقته ليست في محلها؛ لا لأن تجار المخدرات وقوادي الكيان قد عادوا لرشدهم وقرروا استخدام السلاح في وجه الصهاينة؛ بل لأن كثيرا من هذه الأسلحة سقط في يد حماس الآن غنيمة باردة!
إن الدم يطلب الدم؛ وإن ثأر المجاهدين والشرفاء في قدر الله محفوظ؛ واليوم يوم تنتصف فيه المقاومة من أعوام عديدة كئيبة تطاولت بالغش والكذب على فلسطين؛ والتربح بها وبقضيتها على يد الخونة والعملاء! ومن حسن طالع هذا الشعب أن هدم الباطل في فلسطين بدأ بكسر رأس الأفعى الأمنية؛ وشدخ يافوخ الاستكبار الخياني؛ وكسر ظهر الجهاز العميل الذي انهار هو ودحلان كما قال سيده "إيعاري"؛ كبرج من ورق!
في "رثاء" فرقة الموت ندعو الله أن لا يحرم الشعب الفلسطيني من القصاص من كل وغد فيها؛ عن كل ما كتبه أفرادها في سفر العهر والخيانة؛ ونكبر الله ونشكره على ما أعطانا؛ ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحقن دماء المسلمين وأن يذهب كرامة الخيانة في فلسطين؛ ويوحد جبهة هذا الشعب على مشروع المقاومة والجهاد؛ إنه سميع قريب مجيب الدعاء!
المركز الإعلامي الفلسطيني


أنور رجا في لقاء مع "المركز الفلسطيني للإعلام":
لو لم تبادر "حماس" بتطويق التيار الانقلابي لشهدنا قريباً حرباً أهلية
[ 17/06/2007 - 10:35 ص ]
أنور رجا عضو المكتب السياسي ومسؤول الإعلام المركزي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة"
دمشق ـ المركز الفلسطيني للإعلام



يؤكد أنور رجا عضو المكتب السياسي ومسؤول الإعلام المركزي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة"، في لقاء مع "المركز الفلسطيني للإعلام" أنَّ حركة حماس لو لم تقم بخطوة الحسم الميداني في قطاع غزة؛ فإنّ الأمور في القطاع كانت تسير بشكل متسارع نحو حرب أهلية واسعة النطاق، وذلك بالنظر إلى الاستعدادات وعمليات التحشيد والتجييش التي يقوم بها التيار الانقلابي المدعوم صهيونياً وأمريكياً.

رجا سلط الضوء خلال اللقاء على الأسباب التي أدت إلى تفجّر الأوضاع الأمنية في قطاع غزة، كما تحدث عن تداعيات قرارات رئيس السلطة محمود عباس بحل الحكومة وإعلان حالة طوارئ، وتطرق إلى سبل الخروج من المأزق الراهن الذي تمر به الساحة الفلسطينية، وفيما يلي نص الحوار.


خطوة لا بد منها

- ما هي قراءتكم لتطورات الأحداث التي شهدها قطاع غزة؟

أنور رجا: بداية، يجب التنويه بأنّ الأوضاع الأمنية في قطاع غزة، كانت قد وصلت إلى مرحلة استعصاء في ظل تصاعد عمليات الفوضى والفلتان الأمني للأجهزة الأمنية المحسوبة على التيار الانقلابي داخل حركة فتح الذي يقوده محمد دحلان، وفي ظل انعدام الجدية من قبل رئاسة السلطة في حلّ الملف الأمني الذي شكّل على الدوام عبئاً ثقيلاً ألقي على كاهل أبناء شعبنا الذي يعاني أصلاً من أوضاع مأساوية في ظل تواصل العدوان الصهيوني واستمرار الحصار الغربي.

ونحن في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة" كنّا نتابع عن كثب الأوضاع في قطاع غزة، وكنّا على يقين بأنّ التيار الانقلابي المشار إليه آنفاً قد وضع نصب عينيه هدف إفشال أية محاولة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي على قاعدة تعزيز صمود شعبنا واستمرار مقاومته وتطويق جميع مظاهر الفساد الوطني والسياسي والمالي والإداري والأخلاقي، وذلك لارتباط التيار المذكور بشكل عضوي مع مخططات مشبوهة تديرها الحكومة الصهيونية والإدارة الأمريكية.

وعلى الرغم من المرونة الكبيرة التي أبدتها حركة "حماس" خلال الحوارات التي جرت بينها وبين رئاسة السلطة وحركة فتح على مدار العامين الماضيين في القاهرة ودمشق ومكّة المكرمة؛ إلاّ أنّ كل جولة حوار كانت تعقبها عمليات انفلات أمني وفوضى من قبل التيار الانقلابي ودائماً بوتائر أعلى وأكثر خطورة، وكانت تلك العمليات تنقل الساحة الفلسطينية في كل مرة إلى مرحلة أكثر تعقيداً وأشد قسوة على أبناء شعبنا.

والأمر الآخر الذي أود تسجيله هنا هو أنّ الأراضي الفلسطينية شهدت خلال الشهور الماضية حالة تناوب، تشارك فيها الاحتلال الصهيوني والتيار الانقلابي في استهداف مشروع المقاومة.

وأمام هذا الواقع المرير، كان لا بد من خطوة سياسية حاسمة تنهي معاناة أبناء شعبنا الذي تكالبت عليه المؤامرات من كل حدب وصوب، ونحن هنا نؤكد أنّ مشروع المقاومة لا يمكن له أن يستمر ويحقق أهدافه إذا لم يتم إعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وتنقية أجوائه من كل العناصر التي كانت تعيث فساداً وإفساداً.

طبعاً؛ لسنا من دعاة توجيه السلاح الفلسطيني إلى الداخل تحت أي عنوان وأي مسمّى، فسلاحنا له وجهة شرعية واحدة وهي صدر الاحتلال، وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن موقف حركة "حماس"، وإنما للتاريخ أقول: إنّ المشهد الذي أوضحناه آنفاً هو الذي دفع حركة "حماس" دفعاً إلى محاصرة المقار الأمنية وإخلائها من عناصر الفتنة التي تم تمويلها وتسليحها من قبل الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية بهدف ضرب مشروع المقاومة.

إنَّ ما حصل في قطاع غزة، كان خطوة عملية لقطع الطريق أمام سياسة "الفوضى الخلاقة" التي تنادي بها الإدارة الأمريكية نهاراً جهاراً، تلك السياسة التي لم تجلب سوى الخراب والدمار للعراق، ونتمنى من الله عز وجل أن لا تنتقل عدواها إلى الساحة اللبنانية.

وبطبيعة الحال، نحن في الجبهة الشعبية "القيادة العامة" نفرق بين التيار الانقلابي وبين الإخوة في حركة "فتح"، فحركة "فتح" لها تاريخ نضالي طويل، ومن رحمها ولدت كتائب الأقصى التي سطّرت ملاحم البطولة ضد العدو الصهيوني خلال "انتفاضة الأقصى"، فنحن عندما نتحدث عن التيار الانقلابي؛ نعني به أولئك الذين تتعارض مصالحهم موضوعياً مع مشروع المقاومة ومع مصالح شعبنا العليا.



عدم تطويق التيار الانقلابي كان سيؤدي إلى حرب أهلية

- ولكن ألم يكن أمام حركة "حماس" خيار آخر لاحتواء الأزمة غير العملية التي انتهت بوضع يدها على المقار الأمنية في قطاع غزة؟

رجا: طبعاً هذا السؤال من الأوْلى أن يُطرح على قادة حركة "حماس"، ولكن بتقديرنا أنّ قناعة تولدت لدى الإخوة في "حماس" بعد شهور طويلة من المحاولات الحثيثة لتطويق الأزمة الداخلية سياسياً، وذلك في ظل غياب الإرادة المخلصة من قبل رئاسة السلطة، وغياب الرعاية العربية الجادة والمسؤولة لأي حوار أو اتفاق، وبالنظر إلى عمليات التجييش المتواصلة والتحشيد العسكري والدعم الأمريكي والصهيوني مالياً وعسكرياً ولوجستياً للتيار الانقلابي. وهنا أود أن أشير إلى عشرات الملايين التي رصدت للأجهزة الأمنية التابعة للرئاسة وكذلك سماح الاحتلال لقوات حرس الرئاسة بالتدريب في معسكر قرب أريحا، إضافة إلى إدخال عناصر من قوات بدر إلى قطاع غزة، ووصول كميات كبيرة من العتاد العسكري والأسلحة والذخيرة لتلك القوات.

إضافة إلى ذلك؛ فإنّ معلومات موثوقة وصلتنا تؤكد أنّ شخصيات من السلطة الفلسطينية كانت تدفع الدول الأوروبية دفعاً من أجل تشديد الحصار على أبناء شعبنا في إطار تصعيد الضغوطات الممارسة على الحكومة التي شكّلتها حركة "حماس"، وكذا الأمر مع حكومة الوحدة الوطنية، وذلك كله في سياق محاولات الالتفاف على خيار الشعب الفلسطيني.

إذاً الأمور كانت تسير باتجاه الصدام الحتمي، وأعتقد أنه لو لم تبادر حركة "حماس" بتطويق هذا التيار في قطاع غزة، لشهدنا في المستقبل القريب حرباً أهلية ضروساً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وعملاً بالمثل الشعبي القائل: "وجع ساعة ولا كل ساعة"، نرى أنّ الأمور تسير الآن في قطاع غزة في الاتجاه الصحيح، ونرى بأنه يتوجب على الجميع العمل من أجل تطويق أي محاولة لإشعال نار الفتنة الداخلية في الضفة الغربية.


من يتحمَّل المسؤولية ..

- برأيك ما هي الأطراف التي تتحمَّل مسؤولية تفاقم الأوضاع في الأراضي الفلسطينية؟

رجا: تتحمل المسؤولية في المقام الأولى الإدارة الأمريكية والدوائر الغربية من خلال توفيرها غطاء للعدوان الصهيوني المتواصل، إضافة لإحكامها الحصار على شعبنا.

وفي المقام الثاني نحمّل المسؤولية للمجتمع الدولي الذي تواطأ ضد شعبنا، كما تتحمل الدول العربية جزءاً كبيراً من المسؤولية، فقد التزمت الدول العربية جادة الصمت المريب إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وحصار، واتخذت موقفاً سلبياً على الصعيد العملي إزاء مقررات الجامعة العربية في الخرطوم والقاهرة والرياض والمتعلقة بكسر الحصار عن أبناء شعبنا.

أما الطرف الرابع الذي يتحمل المسؤولية؛ فهو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي تعامل وفق منهج سلبي يحمل العديد من إشارات الاستفهام مع الملف الأمني، كما أنّه أشاع أجواء العبثية على الحوار الفلسطيني من خلال إحجامه عن تنفيذ كل ما يتم التوصل إليه عقب كل حوار.



عباس ينتهك الدستور ويزيد الأمور تعقيداً

- رئيس السلطة محمود عباس أصدر في أعقاب التطورات التي شهدتها قطاع غزة جملة قرارات أعلن فيها حالة الطوارئ وأقال حكومة الوحدة الوطنية، وكلّف سلام فياض بتشكيل حكومة "إنفاذ أوامر". إلى أين يسير الوضع الفلسطيني؟

رجا: هناك فجوات قانونية في قرارات محمود عباس، فرئيس السلطة يحق له حسب "الدستور" الفلسطيني إقالة الحكومة، لكن تلك الحكومة تتابع عملها برئيسها وأعضائها على اعتبار أنها حكومة تصريف أعمال ريثما يتم المصادقة على الحكومة الجديدة من قبل المجلس التشريعي.

على العموم نحن نرى أنّ الخطوة التي اتخذها محمود عباس تزيد الأمور تعقيداً، والأخطر من ذلك أنها تكرس قطيعة بين قطاع غزة والضفة الغربية، في الوقت الذي كان يُفترض بعباس أن يقوم بفتح حوار وطني شامل على وجه السرعة من أجل تدارس الأزمة الراهنة والبحث عن سبل تطويق تداعياتها.


تحذر من حالة انقسام بين الضفة والقطاع
- إذاً أنت تنظر إلى الخطوة التي اتخذها رئيس السلطة بأنها تقسم الساحة الفلسطينية؟
رجا: طبعاً، هذا ما نخشاه، وهذا ما بدأنا نلمس مقدماته، فنحن الآن أمام حكومة طوارئ في رام الله، وأخرى ما تزال تحمل الشرعية في غزة، ونحن نحذر من أنّ حالة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة أمر يهدد على نحو خطير القضية الوطنية الفلسطينية.
مرحلة انهيار كامل للسلطة..
- إذا ما واصل عباس تمسكه بموقفه، هل تتوقع انهيار السلطة الفلسطينية؟
رجا: السلطة الفلسطينية منهارة موضوعياً منذ بداية تشكيلها عام 1994، ومع انطلاقة "انتفاضة الأقصى" أصبحت تلك السلطة منهارة شكلاً وموضوعاً، فالاحتلال الصهيوني عمل خلال سنوات الانتفاضة الثانية على تدمير المؤسسات الأمنية والخدمية والمنشآت والمقار التابعة للسلطة، واستثنى من عمليات التدمير ما يبقي السلطة صيغة شكلية ليس إلا.

وهنا لا بد من التنويه إلى أنّ الاحتلال الصهيوني وكذلك الأمريكية يحرصان أشد الحرص على الإبقاء على السلطة الفلسطينية، ولكن بمقياس "عباس" كصيغة شكلية، وليس بمقاييس "حماس" كمؤسسة ترعى شؤون أبناء شعبنا في الضفة والقطاع.

عودة إلى سؤالك؛ نعم نحن نرى بأنه إذا ما واصل عباس تمسّكه بمواقفه؛ فإننا سنواجه في المستقبل القريب، والقريب جداً، حالة انهيار كامل للسلطة الفلسطينية.
مسيرة النضال الوطني ستتواصل
- هل انهيار السلطة فيما إذا تم يُعدّ مؤشراً إيجابياً أم مؤشراً سلبياً بالنسبة للقضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة؟
رجا: الموضوع يتعلق بالمرجعية الفلسطينية، ففي حال انهيار السلطة، وعلى ضوء التهميش الممنهج لدور منظمة التحرير وإفراغها من مضمونها الحقيقي؛ فإننا قد نكون أمام حالة من الفراغ السياسي على صعيد القضية الوطنية.

لذا يتوجب علينا الآن نحن كفصائل وقوى الإسراع بفتح حوار جاد ومسؤول وبرعاية عربية من أجل إطلاق قاطرة إعادة بناء المنظمة على أساس إعادة الاعتبار لها كممثل للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ويعكس آمال وطموحات شعبنا في مختلف أماكن تواجده.

ونحن على ثقة؛ بأنه في حال انهيار السلطة الفلسطينية، سنكون قادرين على إعادة ترتيب أوضاعنا الداخلية، فنحن نتحدث عن قضية وطن وشعب تحت الاحتلال، وما دام هذا الواقع مستمراً؛ فإنّ مسيرة النضال الوطني لن تتوقف.

وأعتقد أنّ الحراك الذي تشهده المنطقة، يسير باتجاه تعزيز خيار المقاومة كسبيل رئيس لدحر الاحتلال واسترجاع الحقوق بموازاة القناعة التي ترسخت لدى جماهير شعبنا وأمتنا بأنّ خيار التسوية والمساومة ليس سوى انتحار للآمال واندحار للحقوق.
سبل الخروج من المأزق الراهن
- ما هي عوامل النهوض بالوضع الفلسطيني في المرحلة الراهنة؟

رجا: أولاً؛ إجراء حوار وطني شامل بأسرع وقت ممكن، وذلك بمشاركة جميع الفصائل والقوى الفلسطينية وبرعاية عربية، والتوافق على برنامج سياسي يوفر الحماية لمشروعنا الوطني، ويعزز من صمود أهلنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل الطيف الفلسطيني وتكون قادرة على تحمل مسؤولياتها.

ثانياً؛ إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الشراكة الحقيقية، وعلى أساس برامج وطني مقاوم يصون حقوق شعبنا وثوابته الوطنية، وبما يمكِّن من إعادة الاعتبار للدور النضالي لأهلنا في الشتات، إضافة إلى العمل على إعادة القضية الوطنية إلى عمقها العربي والإسلامي.

والأمر الأهم هو تصعيد أعمال المقاومة ضد الاحتلال على كافة الصعد والمستويات، فالمقاومة، إضافة لكونها سبيلاً لدحر الاحتلال، فهي أيضاً أحد عوامل تحصّن البيت الداخلي من كل أسباب الفرقة والخلافات الداخلية في مرحلة التحرّر.

قال إن دحلان كان سيهاجم الحركة بأسلحة وأموال أمريكية وصهيونية
محلل سياسي أردني: ما قامت به "حماس" في قطاع غزة كان "عملية اضطرارية"
[ 20/06/2007 - 01:16 م ]
"كتائب القسام" قامت باجتثاث مسببات الفلتان الأمني في قطاع غزة مضطرة
عمّان – المركز الفلسطيني للإعلام

اعتبر محلل سياسي وكاتب مقال في الأردن، أن مؤامرة دولية أسهمت في إجهاض اتفاق مكة بين حركتي "فتح" و"حماس"، مشدداً على أن تلك المؤامرة كانت تعكس السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية برمتها.
ورفض الكاتب جورج حداد تسمية ما جرى من اقتتال في غزة بأنه انقسام في الساحة الفلسطينية، مشيراً إلى أن ما وقع كان أحد طرفيه "بعيداً عن الهم الفلسطيني".
ووصف في تصريحات لـ "قدس برس" الاقتتال بين "فتح" و"حماس" في غزة بأنه "اقتتال بين فريق أوسلو بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يرى بأن الفتات الذي تقدمه واشنطن (والكيان الصهيوني) للشعب الفلسطيني كاف، مقابل فريق يرى أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بالمقاومة" حسب تقديره.

وحذر حداد من "استمرار الانحياز العربي لجهة السلطة الفلسطينية وتيارها السياسي المتمثل في حركة فتح"، معتبرا أن ذلك الانحياز سيؤدي إلى "حلقات جديدة من المسلسل المكسيكي، الذي ما يزال يطول دون نهاية قريبة، والضحية هو الشعب الفلسطيني".
ويرى حداد أن ما قامت به القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية في الحكومة المقالة بقطاع غزة، ما هو إلا ردة فعل على تحرشات نفذتها مليشيات مسلحة تابعة لمحمد دحلان، وقال في هذا الصدد إن "محمد دحلان رئيس الأمن الوقائي الفلسطيني كان سيهاجم حماس بأسلحة وأموال أمريكية و(صهيونية)، وذلك لأن أجهزة الأمن لم تكن ترضخ لمطالب وزارة الداخلية، وكان هنالك تمرد واضح لدى عناصرها".

واعتبر حداد، الذي يعرف بركنه الأسبوعي "هزة غربال" في صحيفة "الدستور" الأردنية منذ نحو ربع قرن، أن ما قامت به القوة التنفيذية التابعة لحركة "حماس" ما هو إلا "عملية اضطرارية".
وانتقد حداد قرار رئيس السلطة حل الحكومة المنتخبة بزعامة حركة "حماس"، وإعلان حكومة الطوارئ، وقال " أخطأ عباس وتسرع في الأمر"، فقد كان لزاماً عليه أن يردم الصدع ولا يزيده، حسب تعبيره.



فتح وسلوك الميليشيا: زواج كاثوليكي لا طلاق فيه ولا فكاك منه
بقلم: رشيد ثابت

حاول مسئولو فتح بشكل بائس ويائس استخدام لغة رجال الدولة في الحملة على "انقلاب" حماس؛ واتخاذ إجراء تظاهروا بأنه "قانوني"؛ من أجل قمع "تمرد" غزة؛ وخروج حماس على "الشرعية"!

قانونيا مرسوم عباس بالانقلاب على الحكومة الشرعية لا أصل له؛ ويتعارض مع القانون الأساسي للسلطة؛ ولا يمكنه التخلص من دور الرقابة للمجلس التشريعي الذي تهيمن عليه حماس؛ ولذلك عاد عباس بعد يوم من إعلانه التوجه لتشكيل حكومة طوارئ – عاد و"لحس" الدستور كله؛ لأنه اكتشف كيف أنه وفق ذلك الدستور أو القانون الأساسي مضطر للعودة لطلب الثقة لحكومته الطارئة من المجلس التشريعي المنتخب وخلال شهر واحد! أرأيتم كيف هو الدستور إذا وكيف هي القوانين لفتح؟ مجرد كلام مكتوب بقلم رصاص سريع الانمحاء ويمكن تعديله وإلغاؤه بسهولة؛ ولا يأخذ الأمر أكثر من إرسال بضعة أسطر لوكالة الأنباء وفا لتتولى هي دور الجريدة الرسمية!

ثم هناك تركيز عال من استخدام كلمة الشرعية والانقلاب على الشرعية؛ وذلك بعد حملة تطهير قطاع غزة من درنه ووسخه؛ وأنا حقيقة لا أفهم معنى هذه الشرعية التي لا تضطرب ولا تهدد إلا حين يُأخذ على يد المجرمين والعملاء واللصوص! فهل كان خطف الأئمة والنشطاء من حماس على حسب ترتيب أسمائهم على قوائم الشاباك غير قادح في "شرعية" السلطة؟ هل تحول المنتدى؛ واستمرار مقر الوقائي منذ نشأ في القيام بدور غرفة الإعدام للمختطفين الأبرياء سلوك دولة وأجهزة دولة؟ هل خطف المدنيين المساكين من منازلهم أو من السيارات لأنهم بلحى؛ وتكسيحهم من حينه فورا بإطلاق النار على أطرافهم؛ ثم نقلهم ليتم التسلي بتعذيبهم وإعدامهم على يد حرس محمود عباس – هل هذا كله تصرفات رجال "دولة" وسلوك نظام "شرعي"؟

محمود عباس كان يعرف عن كل هذا وتغافل عنه؛ ولم يتخذ إجراء جديا واحدا لمنعه مع أنه أخذ فرصة واثنتين وثلاث؛ ولم ينتهز قيام حماس وقواتها بتنظيف القطاع من كل هذا الوسخ ليبدأ عهدا جديدا؛ بل بدلا من ذلك قرر استغلال حملة التطهير التي نظفت غزة من صعاليكها لتوحيد فتح خلف نفس منطق القرامطة الذي قلب عالي حصونهم في غزة سافلها؛ وقرر توحيد فتح خلف نفس مسلكيات البرابرة التي رمت بهم من رؤوس القلاع إلى أدنى تراب غزة قتلى وصرعى؛ وقد جندلهم إجرامهم وتوحشهم في خدمة الغازي المحتل!

والأدهى والأمر أن جوقة محمود عباس لم تكتف في خطابها باستخدام مفردات الشرعية؛ بل إنها توسعت في التمحك بمفردات العمل الوطني؛ حتى وصل بها الأمر للتصريح برفض لجنة تقصي الحقائق العربية؛ على اعتبار "أنها تدخل فاضح في شؤوننا" كما قال أحد مسؤوليهم العريقين في الخيانة والتفريط! منذ متى صار مثل هذا الذي بذل كل فلسطين للصهاينة؛ ومستعد هو حتى لبذل عرض أمه من أجل أن يستمر في خيانته وبرامجه في السفر لكل المنتجعات – منذ متى صار حريصا على أن لا يتدخل في شأن فلسطين طرف خارجي؟!

لقد هزلت حتى بدا من هزالها * * * كلاها وسامها كل مفلس

ومع ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يقيض لفتح من يفضحها من نفسها سريعا؛ ولا يدع لها فرصة لتمضي مع أحلام يقظتها؛ فتصدق كذبة أنها تقوم على مؤسسة؛ وأنها صاحبة مشروع الدولة؛ وأنها صاحبة مشروع وطني!

فها هو "أولمرت" حبيبهم ورفيقهم الدائم في اجتماعات البحر الميت والبتراء يشبههم بلحد وجيشه حتى كأنه متطرف "إرهابي" من حماس؛ فيقول: " إن انهيار قوات الأمن التابعة لرئيس السلطة محمود عباس في غزة تذكر بانهيار جيش انطوان لحد العميل في جنوب لبنان عشية انسحاب الجيش الصهيوني في أيار (مايو) سنة 2000". هذه هي حقيقة دوركم أذا دون أي تزويق أو مساحيق أو رتوش: خونة لحديون تحقيقا؛ لا مجازا أو بلاغة جرت على لسان متحدث من حماس!

ثم تدخلت الحثالة من العشرات من الزعران والبلطجية في جنين وقلقيلية ونابلس ورام الله والخليل وقرى الضفة الغربية؛ وأحيت سيرة الهالك سميح المدهون في الضفة الغربية؛ ولم تتعظ بنهاية المجرم؛ وقامت بقتل وخطف عدد من الأبرياء من حماس؛ والاعتداء على الأملاك الخاصة للمشتبه بصلتهم في حماس بالحرق والسرقة؛ وأحرقت دور الأيتام ورياض الأطفال والجمعيات الخيرية والمدارس التي يشتبه بأنها على صلة بالحركة؛ وقامت باقتحام المساجد والبلديات والمؤسسات العامة؛ وعزل كل موظف له صلة بحماس بقرار ميداني ارتجالي في الشارع؛ وتعيين بدائل لهؤلاء من فتح!

فهل هذا هو سلوك الشرعية؟ أن يتولى أبو جبل والزبيدي ومعروف زهران وباقي قطعان القرامطة الجدد؛ والبرابرة الجدد؛ والصرب الجدد؛ تقويض نتائج الانتخابات البلدية والتشريعية وحرق مقرات هذه المؤسسات الشعبية والاستيلاء عليها ورفع علم فتح فوقها؟

هل الشرعية تكون بجمع كل الملتحين وكل أعضاء حماس في الضفة في حملة اعتقالات مسعورة جبانة ينفذها المقاتلون الجبناء؛ حتى في القرى تحت عين الجيش الإسرائيلي؛ وبعد أن سمح لهم بدخول مناطق نفوذه "مناطق ج"؟ هذا مع معلومات عن تعرض هؤلاء الشرفاء لحلق لحاهم وللضرب المبرح وتكسير الأطراف في مراكز التوقيف التابعة لأجهزة الرذيلة والخيانة الفتحوية!

ومن لم يكن موجودا ليتم اعتقاله - ببساطة لأنه شهيد أو معتقل في سجون الاحتلال - فقد تكفل زنج فتح بضرب أفراد أسرته والتهديد بخطفهم حتى لو كانوا من النساء والأطفال؛ كما حصل مع أسرتي الشهيد عزالدين المصري والأسير القيادي جمال الطويل!

على المدى القصير لا شك أن هذا الانفلات الهمجي يشكل إرهابا لحماس؛ ويسفك دمها؛ يحقق فيها خسائر مادية فادحة؛ لكن هؤلاء الحمقى الأراذل غفلوا عن الأثر النفسي والاجتماعي الكبير الذي سيتركه هذا العدوان البربري من تضامن للناس مع الضحايا ومع فكرهم؛ ومن الإسراع في كشف قبح صورة فتح؛ وقبح صورة العصابة التي ظن الناس خطأ أنها جاءت لإقامة الدولة الحرة؛ فإذا بها تقيم الميليشيا في خدمة المحتل!

هذا كله يؤكد أن بين فتح كمليشيا وفكرة الدولة والمؤسسة عداء مستحكما؛ فمن يدير حركته بالتربح والمحاصصة والاستئثار وأخلاق رجال العصابات وشراء الذمم بمال أمريكي؛ ويسلحها بسلاح إسرائيلي – من يفعل كل ذلك لا يمكن أن يقبل عقله فكرة الدولة والمؤسسة والمسؤولية الوطنية! ولا يمكن لفتح أن تنجح في إقامة الدولة؛ ولا يمكن لدولة أن تقوم في وجود فتح!

شكرا لكم يا زبيدي ويا معروف زهران ويا جبل ويا كل حثالات فتح؛ فقد نجحتم في ساعات في حرق مراحل من تاريخ سقوط حركتكم ؛وعجلتم بخلق الظروف الموضوعية التي ستهيل التراب على ما تبقى منها؛ ومن عاش ليرى حصون الباطل في غزة تطوى طيا؛ فإنه سيكون على يقين من أن باطلكم المضطرب المتخبط هو برسم الهلاك والرحيل على نحو أسرع؛ والأيام بيننا!

1 comment:

Anonymous said...

Hello. This post is likeable, and your blog is very interesting, congratulations :-). I will add in my blogroll =). If possible gives a last there on my blog, it is about the Monitor de LCD, I hope you enjoy. The address is http://monitor-de-lcd.blogspot.com. A hug.